‏إظهار الرسائل ذات التسميات الشهر العقارى. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الشهر العقارى. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 1 أغسطس 2016


مجلة المحاماة – العددان السادس والسابع
السنة الثامنة - مارس وإبريل 1928
التسجيل

إشهار التصرفات العقارية

حكمة إشهار هذه التصرفات، طرق الإشهار في الشرائع القديمة، إشهارها في مصر قبل القانونين المختلط والأهلي، إشهارها في فرنسا قبل قانون سنة 1855، قانون سنة 1855 - القانونان المختلط والأهلي، قانون التسجيل الجديد، ترتيب درجات حقوق الامتياز، نظرية سوء النية، إثبات تاريخ العقود رسميًا. 
للأستاذ صليب سامي بك رئيس تحرير المجلة
لماذا شرعت علانية التصرفات العقارية؟
إذا أردت شراء عين عقارية وجب عليك، حتى لا تعرض مالك للضياع، أن تشتري هذه العين من مالكها. 
أما إذا اشتريتها من غير مالكها فلا يؤثر شراؤك في حق مالكها الحقيقي، فلا تنتقل إليك ملكية العين، ويصبح حقك قاصرًا على الرجوع على بائعك بالثمن، إن كان مفلسًا ضاع عليك مالك. 
ولكن من أين تعلم أن العين مملوكة لمن ظننته مالكًا لها وتعاقدت معه بشأنها؟ 
قد يكون العاقد معك غاصبًا للعين أو مستأجرًا لها فيوهمك وضع يده عليها بملكيته لها، وقد لا يكون له أي حق عليها فيوهمك بأنها ملكه، بل قد يكون مالكًا للعين، مشهورًا بملكيته لها، ولكنه تصرف فيها بالبيع، وأخفى عليك هذا التصرف، فباعها لك بعد أن خرجت من ملكه. 
فمن أين لك تحقيق الواقع؟ 

كان لا بد من حماية المشتري في هذه الحالة، لذلك وضعت جميع الشرائع، من قديم العهد، النظم التي تكفل صيانة حقوق المشتري من عبث البائع، وقد تدرجت هذه النظم وتبدلت، تبعًا لظروف الأحوال ومقتضيات المعاملات، على ما سنراه مفصلاً فيما بعد، وآخر هذه النظم التي أقرتها الشرائع هو نظام التسجيل.
نَبذة تاريخية
1 - عند قدماء اليونان: 
فطن اليونان من قديم العهد إلى ضرورة إشهار العقود المنشئة للملكية أو الناقلة لها.
ففي كثير من المدن كانت تسجل ملخصات العقود الناقلة للملكية على لوحات من الرخام، وكان هذا التسجيل يجعلها حجة على الغير.
وفي أتينا كانت تشهر هذه العقود بسجلات دفع الرسوم التي كان يؤديها المشترون [(1)]. 
2 - عند قدماء الجرمان: 
كانت تشهر العقود الناقلة للملكية العقارية بإجراء علني. 
فكان الإشهار قديمًا بالتسليم الرمزي، أي بتسليم جزء من العقار يدًا بيد، فإن كان أرضًا بتسليم قبضة من مادتها، سواء كانت طينًا أو حجرًا أو رملاً، أو بتسليم نبات من زرعها إن كانت منزرعة، وإن كان العقار دارًا بتسليم أحد أجزائها كباب أو نافذة، وهكذا. 
ثم عدل الجرمان عن إشهار العقود بهذه الطريقة الرمزية إلى طريقة الإشهار بالتسجيل بإثبات تسليم العقار في سجلات جعلت لذلك.
وهذه السجلات - بعد تغييرات كثيرة طرأت عليها – أصبحت السجلات العقارية التي نظمها في النمسا قانون 25 يوليه سنة 1871، وفي بروسيا قانون 5 مايو سنة 1872 [(2)].
وهي أساس تشريع السجلات العقارية في سائر الممالك الأخرى. 
3 - عند الرومان:
وقد أدرك الرومان من قديم العهد ضرورة إشهار التصرفات العقارية، على خلاف ما ذهب إليه بعض العلماء، ولكنهم تدرجوا كثيرًا في طرق الإشهار ففي روما كانت طريقة الإشهار تتبع تشريعهم من حيث التغالي في الإجراءات الشكلية حينًا والتساهل فيها حينًا [(3)].
ومن أولى طرق إشهار نقل الملكية عند الرومان طريقتان: الـ (
mancipatio) والـ (in jure cession). 
وكانت الطريقة الأولى، ومعناها القبض أي استلام العين باليد، تؤدي إلى إشهار البيع بحضور البيع والمشتري، مصحوبين بخمسة شهود وموظف خاص يحمل ميزانًا من الصلب، إلى موقع العقار، ولمس المشتري العقار باليد، وإعلانه في مواجهة البائع ملكيته له، وتسليمه للبائع سبيكة من الصلب رمزًا إلى دفع الثمن [(4)] وما لم تتم هذه الإجراءات فالملكية لا تنتقل للمشتري. 
ولكن لهذه الطريقة عيوبها، فالعلانية لا تتوفر فيها إلا بقدر السماع عن حصول هذه الإجراءات ومن جهة أخرى فإن هذه الإجراءات تستلزم في البيوع العقارية انتقال البائع والمشتري بنفسهما إلى محل العقار، لأن الرومان كانوا يحرمون التوكيل في ذلك، فإذا لم يكن ذلك ميسورًا لأحدهما لمانع عرض له أو لبعد موقع العقار تعذر وقوع البيع [(5)]. 
وكذلك كانت هذه الإجراءات بطبيعتها لا تنصب إلا على البيع المنجز غير المضاف إلى أجل أو المعلق على شرط. 
وأما (
in jure cessio) فموضوعها الاتفاق بين المشتري والبائع على تصور دعوى استحقاق يرفعها الأول على الثاني أمام القاضي ليثبت حقه على العين موضوع التعاقد. 
وقد كثر التعامل بهذه الطريقة عن الطريقة الأولى وخاصة لكونها الطريقة الوحيدة لاكتساب مجرد الحقوق العقارية كحق الارتفاق. 
ولكن كان لهذه الطريقة نفس العيوب التي رأيناها في الطريقة الأولى لعدم جواز التوكيل فيها، ولضرورة إحضار المنقول في مجلس القاضي أو انتقاله لجهة العقار [(6)] وأخيرًا لضرورة الاتفاق مبدئيًا، بين البائع والمشتري على كافة اشتراطات البيع، لعدم إمكان مخالفة هذه الشروط أمام القاضي. 
وقد وضع الرومان بعد ذلك طريقة ثالثة لإشهار البيع. 
وهي الـ (
traditio) أي تسليم المبيع، وشروطه: 
1 - التسليم المادي للمبيع عقارًا كان أو منقولاً، وهو الركن المادي. 
2 - اتفاق البائع على البيع والمشتري على الشراء، وهو الركن المعنوي. 
3 - كون المبيع مما يمكن قبضه بأن يكون عينيًا. 
4 - أهلية البائع للبيع والمشتري للشراء [(7)]. 
ولكن التسليم أو القبض قد يحصل في غير علانية، بل وقد يحصل خفية، وأخيرًا كان يستغني عنه بالنص في العقد على حصول التسليم، فكانت المعاملات لا تزال عرضة للخطر، لذلك وضع الرومان عقوبة لمن يبيع عقارًا ليس مملوكًا له. 
ولكن هذه العقوبة على شدتها لم تخفف من الأضرار الناشئة عن عدم إشهار التصرفات العقارية. 
هذا في التصرفات بعوض.
أما في الهبات فقد صدر قانونان في عهد الإمبراطور قسطنطين بوجوب إشهارها بتسجيل ملخصها
insinuation وهو أساس نظام التسجيل في القوانين الحديثة. 
ولكن لم يلبث أن فقد هذا التسجيل أهميته من حيث العلانية في عهد خلفاء الإمبراطور قسطنطين وأصبح مجرد أداة للإثبات، ذلك لأن خلفاءه أباحوا التسجيل في غير الجهة التي بها العقار وفقًا لإرادة الواهب، ثم أصبح التسجيل اختياريًا، وانتهى بأن بطل هذا النظام بعدم الاستعمال. [(8)].
في القانون الفرنسي
لاستيفاء البحث في علانية العقود الناقلة للملكية العقارية في القانون الفرنسي، يجب الكلام عن التشريع في أدواره الآتية: 
1 - القانون القديم. 
2 - التشريع في عهد الثورة.
3 - قانون نابليون.
4 - قانون 23 مارس سنة 1855. 
1 - القانون القديم: 
لم تكن في غالب المقاطعات الفرنسية طريقة لإشهار نقل الملكية والحقوق العقارية في عقود المعاوضة، بل كان التعاقد على ذلك يحصل بغير علانية، إلى حد أن التسليم أصبح لا محل له بشيوع النص على حصوله في عقود البيع.
ولكن كان لبعض المقاطعات الخاضعة لحكم العادات نظم لإشهار هذه التصرفات احتفظ بها من العصور الوسطى. 
ومنها الـ (
mantissement) وهو تسليم العقار للمشتري بمعرفة موظفين رسميين يعينهم الملك أو الأمير وإثبات هذا التسليم في سجل عام لكل ذي شأن حق الاطلاع عليه. [(9)]. 
وكان هذا النظام ساريًا على العقود الناقلة للملكية وكذلك العقود الناقلة أو المنشئة للحقوق العينية العقارية. 
وكان لهذا النظام فائدة كبرى.
فإذا تصرف المالك في ملكية العقار، أو رتب عليه حقًا عينيًا، لشخصين على التوالي، كان الحق لصاحب التسليم السابق. 
وإن لم يتسلم الاثنان العقار كان الحق لمن وضع يده عليه منهما، وإلا كان لصاحب القد الأسبق في التاريخ
وما لم يحصل التسليم القانوني
nantissement، يعتبر العقار باقيًا في ملكية بائعه ولدائنيه حق التنفيذ عليه [(10)]. 
وكان لمقاطعة بريطانيا نظامًا خاصًا يسمونه
Appropriance par bannies، هذا النظام يقتضي الإعلان عن البيع بالنداء بحصوله ثلاث مرات متوالية، بين كل منها أسبوع أو أسبوعان، بواسطة موظف خاص يسمونه bannier، وكان يحصل هذا الإعلان عادة في أيام الآحاد وعلى أبواب الكنيسة، ثم استعيض عن النداء بإعلان يلصق على أبواب الكنيسة.
وكان يعمل لهذا الإجراء محضر يعلن لأقارب البائع ولكل ذي مصلحة ظاهرة، ثم يسجل هذا المحضر بالمحكمة، ويصبح لكل ذي شأن حق الاطلاع عليه. 
وأخيرًا استعيض عن هذا الإجراء بنظام تسجيل ملخص العقود
Insinuation وهو أساس نظام التسجيل الحالي. 
وكان لنظام
Appropriance par banies نفس الفائدة المعلومة لنظام التسجيل.
فإذا ادعى شخص ملكيته لعين بطريق الشراء، وجب عليه إشهار شرائه بالطريقة السالفة، وما لم يفعل فعقده لا يكون حجة على الغير، ولكل شخص أراد أن يكتسب حقًا على عقار استطاع الاطلاع على تصرفات صاحب العقار، فيكون على بينة من أمره. 
وكانت هناك نظم أخرى لضمان حقوق الدائنين المرتهنين، لا نرى محلاً للتوسع في شرحها، وهي تقضي إجمالاً بإعطاء هؤلاء الدائنين الفرصة للمعارضة في حصول البيع استبقاء لحقهم على العقار. 
على أن هذه النظم كانت قاصرة على التصرفات بعوض، أما الهبات فكانت في عهد القانون القديم خاضعة دائمًا لنظام خاص للعلانية من شأنه حماية ذوي الحقوق على العقار. 
2 - التشريع في عهد الثورة:
في سنة 1789، على أثر قيام الثورة وسقوط محاكم الأشراف، أُلغي نظام التسليم بقانون 20 – 27 سبتمبر سنة 1790 الذي قضى بوجوب تسجيل العقود بالمحاكم المركزية وإلا أصبحت لا قيمة لها. 
وفي 11 برومير من السنة السابعة للثورة (أول نوفمبر سنة 1798)، صدر قانونان غير نظام التسجيل وجعلا العقود ناقلة للملكية بين العاقدين بمجرد صدورها، ولكنها لا تكون حجة على الغير إلا بتسجيلها. 
3 - قانون نابليون: 
ولكن قانون نابليون أُلغي هذين القانونين، وأُلغي تبعًا نظام التسجيل، فأصبحت العقود بعوض ناقلة للملكية بمجرد صدورها، سواء بين العاقدين أو إزاء الغير. 
وكذلك عقود الوصية، أما الهبة فقد نص على عدم الاحتجاج بها على الغير إلا من يوم تسجيلها. 
4 - قانون 23 مارس سنة 1855: 
كان قانون نابليون لا شك معيبًا بإلغاء نظام التسجيل، والقضاء تبعًا على تأمين المعاملات العقارية. 
كان حقًا للنائب العام دوبان
Dupin أن يقول لمحكمة النقض في سنة 1840: (يشتري الإنسان ولا يعلم إذا كان سيصبح مالكًا أو لا، يرتهن ولا يدري إن كان سيتقاضى دينه أولاً). 
فكان لا بد من تشريع جديد.
ففي 23 ماس سنة 1855 صدر (قانون تسجيل عقود الرهن)، وهو بالرغم من تسميته مطلق الأحكام على جميع التصرفات المنشئة أو المقررة للملكية وللحقوق العينية العقارية، فيما عدا الوصية التي لم ينص القانون على وجوب تسجيلها، والهبة التي نص قانون نابليون (939) على وجوب تسجيلها، ونزع الملكية للمنفعة العامة التي صدر بها قانون خاص في 3 مايو سنة 1841. 
وهذا القانون هو مصدر التشريع المصري في القانونين المختلط والأهلي على ما سنرى.
في القانون المصري
يشمل بحثنا في هذا الموضوع الكلام على أدوار التشريع الثلاثة الآتية: 
1 - العهد السابق على وضع القانونين المختلط والأهلي.
2 - عهد القانونين المذكورين. 
3 - عهد قانون التسجيل الجديد.
1 - عن العهد الأول
لا ندري كيف كان يقع بيع العقار في عهد الفراعنة، وهل كان يشهر البيع أو لا، ولا ندري كذلك إذا كانت شرائع الدول الفاتحة، قبل الفتح الإسلامي، كانت تطبق على البلاد المصرية عند فتحها أو لا. 
فلا ندري إن كان نظام التسجيل، الذي كان معروفًا عند قدماء اليونان، ووسائل الإشهار التي شرعها الرومان، كان معمولاً بها في مصر أولاً. 
والبحث في ذلك من اختصاص علماء الآثار، الذين نرجو أن يوافونا بما يعلمونه في هذا الموضوع. 
كل ما نعلمه أن، في عهد الفرس واليونان والرومان، كانت رقبة الأرض في الديار المصرية ملكًا للحاكم، ومنفعتها لواضعي اليد عليها، وأن الأرض كانت تنقسم إلى قسمين: الأراضي المنعم بها على كبار القوم، وكانت معفاة من كل ضريبة، والأراضي التي كانت لعامة الناس حق الانتفاع بها مقابل دفع الخراج عنها - راجع الإصحاح السابع والأربعين من سفر التكوين.
أما من عهد الفتح الإسلامي إلى عهد القوانين الوضعية المصرية فكانت أحكام الشريعة الإسلامية سارية على الديار المصرية.
ولم تنص هذه الأحكام على إشهار البيع، فكانت ملكية العين تنتقل للمشتري بمجرد البيع (مادة (74) من مرشد الحيران) وكان البيع يثبت بالبينة كسائر العقود، وكان للمشتري التصرف في العين المبيعة قبل استلامها إن كانت عقارًا (مادة (75)). 
ولذلك كان مفروضًا تعرض المعاملات العقارية لإخطار كثيرة، بأن تشتري عقارًا من غير مالكه، أو ترتهن عينًا من غير صاحبها، إذا أوهمت بملكية من تعاقدت معه، وليس هناك نظام يساعدك على تحقيق ملكيته قبل التعاقد معه. 
إلا أن هذه الأخطار لم يكن لها في مصر الشأن الذي كان لها في سائر البلاد الأخرى، وخاصة في فرنسا في المدة بين وضع قانون نابليون وسنة 1855، وذلك للأسباب الآتية: 
الأول: لأن الأراضي، وهي الجزء الأعظم من الثروة العقارية، كانت في مصر خراجية، أي كانت رقبتها مملوكة لبيت المال بينما كان حق الانتفاع بها متروكًا للأهالي لا يتصرفون فيه لا بالبيع ولا بالرهن.
الثاني: لأنه من أوائل القرن الماضي (1813) كلفت الأراضي في سجلات الحكومة بأسماء أصحابها، فكان هذا النوع من التسجيل كافيًا لإشهار الملكية.
الثالث: لأنه لما أبيح التصرف في هذه الأراضي، في النصف الثاني من القرن الماضي، أحيطت هذه التصرفات بضمانات كانت تقي شر التعامل مع غير المالك: فكان لا بد من تحرير حجة شرعية بالتصرف، وكانت هذه الحجة لا تحرر إلا بعد الإذن من المديرية، وبعد التحقق من ملكية صاحب الأرض، بالكشف عليها من سجلاتها.
وإليك التفصيل:
قام الخلاف بين المؤرخين على صفة احتلال العرب للديار المصرية، هل هو فتح عنوة لمقاومة الرومان إغارتهم على مصر، أو هو فتح سلمى باتفاق الأقباط - وهم أهل البلاد - مع العرب على دخول الديار المصرية، وحصول الأقباط منهم على الأمان.
ولكن مما لا شك فيه أن أئمة المذاهب الأربعة متفقون على أن الديار المصرية فتحت عنوة، ويرى بعض المؤرخين، دليلاً رمزيًا إلى هذا الفتح، في ارتقاء الخطباء منابر الصلاة يوم الجمعة في كل جوامع مصر متقلدين سيفًا أو شبه سيف من خشب، بينما يخطب الخطيب في البلاد التي دخلها العرب بغير السيف ويداه مرفوعتان إلى السماء وفي أحديهما كتاب الله [(11)]. 
إذا أضيف إلى ذلك أن جمهور المصريين لم يدخلوا دين الإسلام عند الفتح، وأن أرض مصر تروى من ماء النيل وهو نهر غير عربي، تبين لك أن أراضي مصر كانت كلها خراجية بحكم الشريعة الغراء، وإذن بقيت الأرض ملكًا للحاكم وللأهلين حق الانتفاع بها لا غير - راجع المادة (21) من القانون المدني المختلط [(12)]. 
وقد استمرت الحال على ذلك في مصر في عهد الدولة العثمانية، وفي عهد المماليك الذين استبدوا بالحكم في غفلة نائب السلطان العثماني.
وفي عهد المماليك نشأت الالتزامات، ولكنها لم تغير من صفة الأراضي التي كانت تعطي لهم نظير التزاماتهم. 
ولما ولي محمد علي باشا الكبير حكم مصر، وجه همه إلى تثبيت حق واضعي اليد على الأراضي ليأمنوا على ملكهم ولينصرفوا إلى إصلاح الأرض وزرعها. 
ففي سنة 1813 مسحت الأراضي، ووزعت بين الأهالي، وقيدت بأسمائهم.
ولما صادر محمد علي باشا أملاك المماليك أخذ أراضيهم، التي منحت لهم (رزق بلا مال)، والتي أعطيت لهم مقابل الالتزام (أواسي) ووزعها كذلك بين الأهالي.
إلا أن الأراضي التي وزعت على الأهالي أولاً وثانيًا بقيت ملكًا لبيت المال وكان للأهالي عليها مجرد حق انتفاع. 
وفي 23 ذي الحجة سنة 1263 (1846) صدرت أول لائحة في شأن الأراضي الخراجية، فصرح فيها لواضع اليد عليها بإعطائها غاروقة (أي برهن منفعتها) كما أبيح له التنازل عن حقه فيها بالشركة أو البيع الوفائي أو البيع البات. 
وإنما شرطت اللائحة وجوب وقوع ذلك ( بالكتابة على ورق دمغة). 
وفي 8 جمادى الأولى سنة 1271 (1854) صدرت اللائحة الثانية، فنصت على وجوب حصول التنازل عن حق منفعة الأراضي بالتصرفات السابقة عن يد المديرية وبحجة شرعية.
وأجازت هذه اللائحة انتقال حق المنفعة لورثة المنتفع مطلقًا بالنسبة للبعض، وبقيود خاصة بالنسبة للبعض الآخر. 
وقد عني المغفور له سعيد باشا والي مصر بتثبيت حق المنتفعين على الأراضي عناية محمد علي باشا الكبير بذلك. 
ففي 5 ذي القعدة سنة 1274 (1858) صدر أمره العالي بإعطاء الفلاحين، الذين شاركوا مشايخ البلاد في الأراضي المنتفعين بها، أو زارعوهم عليها، نصيبهم منها وقيده بأسمائهم. 
وفي 24 ذي الحجة سنة 1274 (1858) صدرت اللائحة السعيدية التي وضعها مجلس الأحكام، وهي أول قانون حقيق بهذه التسمية صدر في شأن الأراضي. 
أجازت هذه اللائحة: 
1 - انتقال منفعة الأراضي لورثة المنتفع طبقًا لقواعد الشريعة الغراء في الإرث، وبشروط نصت عليها اللائحة – بند (1). 
2 - تقسيم أطيان العائلة المكلفة باسم أرشدها بين أفرادها، وتكليف حصة كل منهم باسمه ونصت على وجوب ضبط ذلك بإشهاد شرعي يسجل بالمحكمة الشرعية وبالمديرية – بند (2).
3 - تملك منفعة الأرض بوضع اليد عليها ودفع الخراج عنها خمس سنوات متواليات - وإن كان هناك نزاع قائم بشأنها، وجب ثبوت وضع اليد عليها خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى – بند (4). 
4 - إعطاء الأرض غاروقة (بند 7) وتأجيرها لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات (بند 8) وبيع حق الانتفاع (بند 9).
ولكن اللائحة أبقت رقبة الأراضي لجهة بيت المال بالنص على ذلك صراحة في البنود (1) و (4) و (7) و (9) وبإجازة التصرفات السابقة على سبيل الاستثناء. 
وقد شرطت اللائحة وجوب اتباع إجراءات خاصة لإثبات هذه التصرفات، فلا تتم الغاروقة إلا بإذن المديرية والتكليف باسم المرتهن مع بقاء اسم صاحب الأرض، والإجارة إلا بسند ديواني يحرر بالمديرية، والبيع إلا بحجة شرعية بعد الإذن بالمديرية التي يجب عليها تحقيق ملكية البائع قبل الإذن للمحكمة الشرعية بتوقيع البيع.
وفي سنة 1871، في عهد الخديوي إسماعيل باشا، صدرت لائحة المقابلة التي أجازت للأهالي تملك الأرض ملكًا مطلقًا، وإعفاءهم من دفع نصف الضريبة طول حياتهم، إذا هم عجلوا دفع الخراج عن ست سنوات.
ومن الأهالي من دفع الخراج معجلاً فتملك رقبة العين، ومنهم من لم يدفع فبقي منتفعًا بها.
وفي 17 يوليو سنة 1880، في عهد الخديوي توفيق باشا، صدر قانون التصفية الذي ساوى بين الجميع وجعل صاحب الأرض مالكًا مطلقًا لها، كما ساوى بين الأراضي الخراجية والقليل من الأطيان العشرية التي كانت ملكًا خالصًا لأصحابها [(13)].
يتبين مما تقدم:
1 - أن الأراضي، وهي الأصل في الثروة العقارية، كانت خراجية أي مملوكة لبيت المال، وأن حق أصحاب كان قاصرًا على الانتفاع بها، وإنهم لم يملكوا التصرف في منفعتها لا بيعًا ولا رهنًا، ولم يتوارثوا هذه المنفعة إلا في النصف الثاني من القرن الماضي ولكنها لم تصبح ملكًا تامًا لهم.
2 - أنه في سنة 1813 مسحت الأراضي المنزرعة، وكلفت بأسماء المنتفعين بها، وأنه في سنة 1858 وزعت أطيان مشايخ البلاد على شركائهم، وكلفت بأسمائهم.
وفي هذه السنة أيضًا صرح بقسمة أطيان العائلة على أفرادها، وصرح بتكليف حصة كل منهم باسمه، كما اشترط تكليف الأراضي المعطاة غارقة باسم المرتهن علاوة على اسم صاحبها. 
3 - وأنه في سنة 1846 صرح لأصحاب الأراضي بالتنازل عن منفعتها وبإعطائها غاروقة، ولكن بشرط حصول ذلك كتابة على ورقة دمغة. 
وفي سنة 1858 اشترط، في حصول القسمة بين أفراد العائلة، تحرير إشهاد بذلك على يد قاضٍ شرعي وتسجيله بالمحكمة وبالمديرية، كما علق حصول التنازل عن حق الانتفاع أو إعطائه غاروقة على إذن المديرية وتحرير حجة شرعية. 
وإذا تبين لكل ذلك استنتجت معي: 
1 - أن انتقال الملكية العقارية لغاية سنة 1880 كان قاصرًا على (الأملاك) العقارية أي الأراضي المبنية، دون الأراضي الزراعية، اللهم إلا الأراضي التي أنعم بها على أصحابها ملكًا خالصًا، وهي قليلة جدًا. 
2 - أن الأراضي كانت مكلفة بأسماء أصحابها بسجلات الحكومة ابتداءً من سنة 1813، وأن التصرف في منفعة الأراضي، بالبيع أو الرهن، وحتى إجارتها، إنما كان يحصل كتابة، وبإذن المديرية، وبموجب حجج شرعية في الحالتين الأوليين، وألا يصبح التصرف باطلاً [(14)] وغير حجة على الغير [(15)] وبسند ديواني في الحالة الأخيرة.
وعلى ذلك فالخطر على المعاملات لم يكن ظاهرًا في حالة التشريع القديم، لأنه كان سهلاً على كل شخص، يتعامل مع آخر، أن يتبين ملكيته من سجلات المديرية، وما كانت المديرية لتصريح بتحرير الحجة الشرعية إذا تبين لها عيب في ملكيته.
يضاف إلى ذلك أن لائحة القضاة الصادرة في 26 ديسمبر سنة 1856 قد نظمت طريقة تحرير الحجج الشرعية ووضعت قاعدة التسجيل. 
(يلاحظ أن أصل الحجة، الموقع عليه من القاضي، كان يسلم لصاحبها، وكانت تنسخ صورتها في السجل المصان – وفي هذا مخالفة أساسية لما هو جار في العقود الرسمية بالمحاكم الأخرى، حيث يحفظ الأصل بمحفوظات المحكمة، وتسلم صورة منه لذي الشأن).
وجعلت لائحة القضاة للحجج، المطابقة للسجل المصان، قيمة قاطعة في الإثبات، فكان القضاة ممنوعين من سماع أي دعوى تخالف مضمونها - راجع المادة (9). 
على أنه يستنتج، من مجموع نصوص هذه اللائحة، أن الحجة الشرعية التي تتضمن بيعًا أو هبة أو وقفًا أو غير ذلك من العقود، لا تكون حجة نافذة على صاحبها أو ورثته إلا إذا كانت مسجلة في السجل المصان، أو بعبارة أخرى، لا يكون لها قوة العقد الرسمي بين المتعاقدين إلا بعد التسجيل، وأن ليس الغرض من تسجيل الحجة الشرعية جعلها حجة على الغير.
وهذا أول عهد التشريع المصري فيما يختص بالسجلات، وأما المضابط فقد ذكرها في المادة (15) من اللائحة المذكورة وعبارتها تنصب على محاضر جلسات المحاكم أكثر منها على مضابط العقود. 
وفي 17 يونيه سنة 1880، أي بعد صدور القوانين المختلطة، صدر الأمر العالي بلائحة المحاكم الشرعية، وهي الأولى من نوعها الجديرة بهذه التسمية.
وقد غيرت هذه اللائحة نظام تحرير العقود، فجعلت المضابط هي الأصل الواجب حفظه بدفاتر المحكمة، والحجة الشرعية صورًا منها تسلم لذوي الشأن فيها، كما هو الحال في نظام العقود بالمحاكم المختلطة - راجع المواد (77) و (106) و (107) و (110). 
ونظمت هذه اللائحة دفاتر التسجيل - (118) و (119) وجعلت لها فهرستات خاصة - (76) و (120). 
كما نصت على تسجيل العقود الناقلة لملكية العقار، والمقررة للحقوق العينية العقارية، بسجلات المحكمة التي بدائرتها العقار، إذا صدرت هذه العقود بمحكمة أخرى - (55) 
وعلى وجوب قيد ما يرد إليها من العقود الصادرة من المحاكم المختلطة، أو المسجلة بها من العقود العرفية، وخلاصات الأحكام الصادرة بالبيع القضائي - (90).
2 - عن العهد الثاني
قانونا المحاكم المختلطة والأهلية
كان محظورًا على الأجانب في الأصل تملك عقارات بالديار المصرية، ولكن محمد علي باشا الكبير أنعم على بعضهم (بأبعاديات) أسوة برعاياه، وملكهم إياها ملكًا مطلقًا أي رقبة ومنفعة.
ولما أصدر المغفور له سعيد باشا أمره الرقيم 15 جمادى الأولى سنة 1275 (1885) ببيع الأطيان الخراجية التي تركها واضعو اليد عليها، سمح للأجانب بشراء ما يريدونه منها. 
ولما كانت هذه الأطيان خراجية لا تملك رقبتها، أصدر سعيد باشا لهؤلاء الأجانب تقاسيط من الرزنامة، كما كان يفعل بالأباعد التي كان ينعم بها مجانًا، ليملك هؤلاء الأجانب الأرض رقبة ومنفعة.
وفي 19 ربيع الآخر سنة 1277 (1861) أصدر سعيد باشا أمرًا عاليًا يرخص فيه للأجانب بإنشاء وابورات لحليج الأقطان في الأراضي المملوكة لهم. 
وقد تأيد حق الأجانب في تلك العقارات بالديار المصرية بصدور الإرادة الشاهانية في 7 صفر سنة 1283 (1867) التي أطلقت لهم هذا الحق في جميع البلاد العثمانية ما عدا الحجاز. 
ولما كان الأجانب المقيمون ببلاد الدولة العلية قد احتفظوا بحق التقاضي أمام سلطاتهم في القضايا المدنية والجنائية، بموجب المعاهدات المعقودة مع سلاطين هذه الدولة [(16)] وأهمها معاهدة فرنسا في سنة 1740 (راجع المواد (15) و (26) و (46) و (52) و (71) من هذه المعاهدة) ومعاهدة أمريكا في سنة 1830 (راجع المادة (4)) ومعاهدة بلجيكا سنة 1838 (راجع المادة (8)) اقتضى ذلك توزيع السلطات القضائية في البلاد المصرية، ولما كانت المصلحة العامة تقضي بتوحيد هذه السلطات، فكر المغفور له الخديوي إسماعيل باشا في إنشاء محاكم مصرية للفصل في قضايا الأجانب، وقد استمرت المفاوضات مع الدول ذات الشأن في ذلك من سنة 1769 إلى سنة 1876، التي انتهت بتشكيل المحاكم المختلطة، ولما أنشئت هذه المحاكم، كان مفروضًا وضع نظام تام للتسجيل، بجانب نظام المحاكم الشرعية الناقص، لضمان مصالح الأجانب في مصر، فنص في القانون المدني المختلط على وجوب تسجيل العقود المنشئة أو المقررة للملكية العقارية، والحقوق العينية العقارية، لتكون حجة على الغير، ووضع سباب خاص في هذا القانون لتنظيم عملية التسجيل. 
وفي سنة 1883، لما شكلت المحاكم الأهلية، أخذت قوانينها عن القوانين المختلطة حرفًا بحرف (فيما عدا بعض نصوص قليلة).
والقوانين المختلطة نفسها مأخوذة عن قانون نابليون، فالقانون المدني مأخوذ عن الكتابين الأول والثاني من القانون المشار إليه، فيما عدا الإرث، والوصية، وبعض النصوص المتعلقة بالهبة التي لها علاقة بمسائل الأحوال الشخصية. 
أما النصوص الخاصة بالتسجيل الواردة بالقانون المدني المختلط، والتي نقلت إلى القانون الأهلي، فمأخوذة عن القانون الفرنسي الصادر في 23 مارس سنة 1855 السابق الكلام عليه.
نصوص التسجيل في القانونين المختلط والأهلي
ورد بعض هذه النصوص في القانونين متفرقًا مع النصوص المتعلقة بأسباب الملكية، والنصوص الخاصة بسائر الحقوق العينية، وورد البعض الآخر منها مجموعات في باب إثبات الحقوق العينية عن أسباب الملكية. 
عددت المادة (44) من القانون المدني أسباب الملكية والحقوق العينية، فهي: 
1 – العقود.
2 – الهبة.
3 – الميراث.
4 – الوصية.
5 - وضع اليد.
6 - إضافة الملحقات إلى الملك.
7 – الشفعة.
8 - مضي المدة. 
وفات هذه المادة النص على سبب تاسع وهو القبض (راجع المادتين (46) و (607) أهلي والمواد (66) و (68) و (734) مختلط) ولكن لا علاقة لهذا السبب بموضوع بحثنا الحاضر، لأنه سبب قاصر على ملكية المنقول. 
1 – العقود:
نصت المادة 47/ 69 على أن ملكية الأموال الثابتة والحقوق العينية عليها لا تثبت بالنسبة لغير المتعاقدين، إلا بالتسجيل. 
ونصت المادة 270/ 341 على أن ملكية العقار، بالنسبة لغير المتعاقدين من ذوي الفائدة فيه، لا تنتقل إلا بتسجيل عقد البيع كما سيذكر بعد متى كانت حقوقهم مبنية على سبب صحيح محفوظة قانونًا وكانوا حسني النية [(17)]. 
ونصت المادة 611/ 737
(الحقوق بين الأحياء، الآيلة من عقود انتقال الملكية أو الحقوق العينية القابلة للرهن، أو من العقود المثبتة (خطأ في الترجمة اقرأ (المنشئة)) لحقوق الارتفاق والاستعمال والسكنى والرهن العقاري، أو المشتملة على ترك هذه الحقوق، تثبت في حق غير المتعاقدين ممن يدعي حقًا عينيًا بتسجيل تلك العقود...). 
ونصت المادة 612/ 738
(الأحكام المتضمنة لبيان الحقوق (اقرأ - المؤيدة للحقوق) التي من هذا القبيل، أو المؤسسة لها، يلزم تسجيلها أيضًا. 
وكذلك الأحكام الصادرة بالبيع الحاصل بالمزاد، والعقود المشتملة على قسمة العقار.
يتبين من هذين النصين
أولاً: أن العقود والأحكام الخاضعة للتسجيل في عهد القانون المدني هي:
( أ ) العقود الناقلة للملكية أو الحقوق العينية العقارية القابلة للرهن العقاري.
(ب) العقود المنشئة لحقوق الارتفاق والاستعمال والسكنى والرهن العقاري.
(جـ) العقود المشتملة على ترك هذه الحقوق. 
(د) الأحكام المؤيدة لهذه الحقوق أو المنشئة لها.
(هـ) أحكام مرسى المزاد. 
(و) عقود الشركات العقارية فيما يتعلق بدخول أنصبة الشركاء في رأس المال إذا كانت عقارية - راجع بودرى كتاب الالتزام جزء (1) ص (430) - فقرة (385).
(ز) عقود قسمة العقارات المشتركة لا الموروثة – 610/ 736. 
(جـ) كتب الوقف بعد القانون رقم (33) لسنة 1920. 
ثانيًا: أن العقود والأحكام غير الخاضعة للتسجيل هي:
( أ ) العقود المؤيدة للحقوق المذكورة
Déelaratifs 
راجع بودرى – ص (431) فقرة (387) و (389) و (290) - فيما عدا عقود قسمة العقار المشترك غير الموروث. 
راجع حكم محكمة الاستئناف المختلطة في 26 مايو سنة 1908 - مجلة التشريع والقضاء سنة 20 ص (247) (ومع ذلك فالمحكمة المذكورة قد قضت في 6 إبريل سنة 1905 - المجلة 17 ص (188) - بوجوب تسجيل العقود المقررة لحقوق الارتفاق). 
(ب) إجراءات نزع ملكية العقار للمنفعة العامة - راجع الفقرة الأخيرة من المادة (5) من القانون رقم (5) لسنة 1907 - لأن في إجراءات نزع الملكية العلانية الكافية، كما يقول بودرى فقرة (390 مكررة).
(جـ) الأحكام التي من شأنها زوال الحقوق المنصوص عنها في المادتين (611) و (612) (737) و (738).
راجع حكم المحكمة المذكورة في 28 نوفمبر سنة 1912 – المجلة (25) ص(41).
(د) الأحكام المؤيدة لحقوق ثابتة بعقود مسجلة. 
راجع حكمي المحكمة المذكورة في 15 يناير سنة 1914 - المجلة 26 ص (142) و ص (155) - وحكم 7 مايو سنة 1914 - المجلة 26 ص (378). 
(هـ) الأحكام المؤيدة لحقوق الإرث تطبيقًا للمادة 610/ 736 راجع الحكمين المذكورين وحكم 27 مايو سنة 1915 - المجلة 27 ص (375). 
(و) كتب الوقف قبل قانون رقم (33) لسنة 1920 لعدم انطباق نص المادتين (611) و (612) (737) و (738).
راجع أحكام المحكمة المذكورة في 28 ديسمبر سنة 1905 - المجلة (18) ص (60) وفي 10 مايو سنة 1910 – المجلة - 23 ص (7) – وفي 18 يناير سنة 1916 – المجلة 28 ص (108) راجع أيضًا حكم محكمة الاستئناف الأهلية في 15 إبريل سنة 1916 - قضية وقف المنشاوي باشا ضد السيدة ست بنت موسى رقم (156) سنة 33 قضائية (غير منشور). 
راجع حكم المحكمة المذكورة في 18 مايو سنة 1926 - المحاماة 8 ص (170). 
أما الحقوق التي ترد عليها العقود وواجب تسجيلها فهي: 
1 - حق الملكية العقارية - المواد (47) و (270) و 611/ (69 و 341 و 737).
2 - الحقوق العينية القابلة للرهن، وهي الحقوق المتفرعة عن الملك والتي يجوز التصرف فيها مستقلة (الرقبة وحق الانتفاع) – المادتان (47) و 611/ (69 و 737). 
3 - الحقوق العينية الأخرى، حق الارتفاق - المادة 611/ 737 وحق الاستعمال، وحق السكنى - المادة 611/ 737. 
4 - حقوق الدائنين على العقار: حق الرهن العقاري - المادة 565/ 689 والمادة (611)، وحق الاختصاص أو الرهن القضائي - المادة 599/ 725 وحق الرهن الحيازي - المادة 550/ 674 وحقوق الامتياز العقارية: حق امتياز بائع العقار وفاء للثمن، وحق امتياز المشتري في رد الثمن عند الفسخ - المادتان (601) فقرة (7) و 614/ (727 فقرة (6) و(741)) وحق امتياز الشركاء في القسمة العقارية (ما عدا قسمة العقار الموروث) – المادتان (602) و 614/ (728 و741) وحق امتياز صائن العقار - المادتان (603) و 614/ (729 و 741).
ونلاحظ هنا أن جمهور شراح القانون المصري يرى إطلاق حق امتياز الصائن على العقار والمنقول [(18)] بينما يرى الأستاذ حامد بك فهمي قصره على المنقول [(19)]. 
5 - الغاروقة - نص القانون المختلط على وجوب تسجيل الغاروقة في المادة (737)، ولم ينص القانون الأهلي على ذلك بالرغم من النص على الغاروقة في المادة (553)، وذلك لأن هذا النوع من التأمين كان قاصرًا على الأطيان الخراجية دون الأطيان المملوكة ملكًا تامًا، ولأن قانون التصفية قد ألغى هذه التفرقة فأصبحت جميع الأطيان ملكًا تامًا لأصحابها. 
وعلى ذلك يمكن القول بأن الغاروقة غير المجسلة كانت حجة على غير المتعاقدين الخاضعين لسلطة المحاكم الأهلية بمجرد صدورها مستوفاة الشرائط طبقًا لأحكام اللوائح القديمة، ولكنها أصبحت غير حجة على الأجانب من عهد صدور القوانين المختلطة ما لم تكن مسجلة.
6 - حق حبس العين - لم ينص القانونان المختلط والأهلي على إشهار هذا الحق بالتسجيل لأنه حق مادي يثبت بوضع اليد على العين والامتناع عن تسليمها. 
ولكن إذا فرضنا أن هناك عقدًا صريحًا بحق الدائن في حبس العين، فهل يقتضي تسجيل هذا العقد لحفظ حق الحبس قبل الغير؟ لا نظن ذلك لعدم النص، على أنه إذا كان حق حبس العين ناشئًا عن حق امتياز فهذا الحق نفسه خاضع للتسجيل، وهذا يكفي لإعلان الغير بحق حبس العين. 
7 - الحجز العقاري - من المتفق عليه أن الحجز العقاري لا ينشئ للدائن حقًا عقاريًا على العين المحجوزة - راجع حكمي محكمة الاستئناف المختلطة في 28 مارس سنة 1878 - المجموعة الرسمية سنة 3 ص (161) - وفي 26 مايو سنة 1886 - المجموعة المذكورة 11 ص (457) - ولكن القانون نص على وجوب تسجيل تنبيه نزع الملكية - المادة 540/ 706 مرافعات، وعلى تسجيل محضر الحجز العقاري في القانون المختلط – المادة (619) مرافعات – وحكم نزع الملكية في القانون الأهلي - المادة (559) مرافعات.
8 - الإجارة لمدة تزيد عن تسع سنوات - والمخالصة عن الأجرة المعجلة الزائدة عن ثلاث سنين وهذه حقوق شخصية ولكن لخطورتها بالنسبة لحقوق الغير نص القانون على وجوب تسجيلها – مادة 613/ 740 
انتهينا من الكلام عن السبب الأول من أسباب الملكية. 
2 – الهبة:
نصت المادة (52) (75) من القانون المدني على وجوب تسجيل عقد هبة العقار ليكون حجة على الغير، ولما كانت الهبة ناقلة للملكية فنص المادة 611/ 737 ينطبق عليها أيضًا لإطلاقه. 
وللفظ (الغير) هنا معنى خاص، فهو يشمل مطلقًا كل من تلقى حقًا عينيًا على العقار الموهوب بطريق الهبة أو الوصية أي بغير مقابل، ومن تلقى حقًا عينيًا بمقابل ولم يكن عقده ذا تاريخ ثابت قبل تسجيل عقد الهبة، ثم من تلقى بمقابل وبعقد ذي تاريخ ثابت حقًا عينيًا غير ملكية حق قابل للرهن أو حق انتفاع بالاستعمال أو السكنى، أما من تلقى بمقابر أحد هذه الحقوق، وكان عقده ثابت التاريخ قبل تسجيل عقد الهبة، فلا تسري عليه الهبة وإن كانت مسجلة - مادة 617/ 744. 
3 – الميراث:
أما ملكية العقار والحقوق العينية العقارية الآيلة بالإرث (فتثبت في حق كل إنسان بثبوت الوراثة( مادة 610/ 736، فهي حجة على الغير بغير حاجة إلى التسجيل.
ولم ينص قانون (23) مارس سنة 1855 في فرنسا على الإرث باعتباره سببًا لنقل الملكية أو الحقوق العينية العقارية، وقد فسر ذلك الفقهاء والقضاء بعدم وجوب التسجيل باعتبار الحق آيلاً عن القانون مباشرة – راجع بودرى الالتزامات جزء (1) ص (427) فقرة (377). 
ولا تحتاج إلى التسجيل تبعًا:
1/ الأحكام الصادرة بتثبيت حق الوارث على عقار أو على حق عيني عقاري كما رأينا. 
2/ عقود قسمة العقار بين الورثة والأحكام الصادرة بهذه القسمة - راجع حكم محكمة الاستئناف المختلطة في 29 إبريل سنة 1903 – المجلة 15 ص (262). 
3/ عقود تخارج الورثة عن حصتهم في عقارات التركة والأحكام الصادرة في هذا الموضوع، راجع بودرى كتاب الالتزامات جزء (1) ص (429) فقرة (384). 
راجع حكمي المحكمة المذكورة في 26 يناير سنة 1899 - المجلة 11 ص (105) وفي 12 ديسمبر سنة 1916 المجلة 29 ص (103). 
4/ عقود استرداد الورثة للحصة العقارية المبيعة من التركة والأحكام الصادرة في هذا الموضوع - راجع حكم المحكمة المذكورة في 4 مايو سنة 1911 – المجلة 23 ص (302). 
4 – الوصية:
- لم ينص القانون على وجوب تسجيل الوصية أو عدم وجوبه - وظاهر من نصوص القانون ومن طبيعة الحق ذاته أن لا محل للتسجيل: 
1/ لأن القانون لم ينص على هذا التسجيل لا في المادة (55) ولا في باب التسجيل. 
2/ ولأن المادة (611) نصت على تسجيل الحقوق بين الأحياء والوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت - راجع بودرى كتاب الالتزامات جزء (1) ص (427) فقرة (376) (طبعة سنة 1906). 
3/ ولأن تسجيل الوصية لا يمنع الموصي من التصرف في ماله في حياته - ويعتبر ذلك رجوعًا في الوصية، إلا أن هذا الرجوع لا يمس في القانون المختلط حقوق المشترين أو المرتهنين للعين الموصي بها إذا كانوا حسني النية - مادة (78). 
4/ ولأن تسجيل الوصية بشيء معين
A titre particulier ليس حجة على من تملك العقار الموصي به بمقابل كما رأينا عند الكلام على الهبة - مادة 617/ 744. 
5 – الشفعة: 
نص قانون الشفعة الصادر في 23 مارس سنة 1901 في المادة (14) على وجوب تسجيل طلب الشفعة، وفي المادة (18) على وجوب تسجيل الحكم الصادر نهائيًا بثبوت الشفعة. 
6، 7، 8 -
أما التملك بوضع اليد على العقار الذي لا مالك له
Appropriation أو بإضافة الملحقات للملك Accession أو بمضي المدة Preseription ou usucapion فهذه من الأسباب المادية المؤدية للملكية، العلة فيها الغصب أو شبه الغصب، فلا تعاقد ولا عقد، وإذا لا محل للتسجيل.
3 - عهد قانون التسجيل الجديد
قانون رقم (18) و (19) لسنة 1923
1 - مقارنة بين القانون المدني وقانون التسجيل الجديد
1/ استعرضنا نصوص القانون المدني المتعلقة بالتسجيل، وبينا إجمالاً العقود والأحكام الخاضعة للتسجيل وغير الخاضعة له طبقًا لأحكام هذا القانون.
ولا بد أن القارئ قد لاحظ أن هناك عقودًا وأحكامًا لم ينص القانون على وجوب تسجيلها لتكون حجة على الغير، مع أن المصلحة العامة كانت تقضي بهذا التسجيل تأمينًا للمعاملات العقارية الذي شرع من أجله نظام إشهار التصرفات من قديم العهد. 
وقد سد القانون الجديد بعض هذا النقص كما سنرى. 
2/ ورأينا أن القانون المدني نص على الجزاء في حالة عدم التسجيل عند لزومه بأن جعل الحقوق الآيلة بمقتضى العقد غير المسجل كأن لم تكن بالنسبة للغير. 
ولكن القانون الجديد أراد أن يمهد لمشروع نظام السجلات العقارية، فوضع جزاءً أشد صرامة، فنص على أنه يترتب على عدم تسجل العقود والأحكام غير المقررة للحقوق على انتقال الملكية والحقوق العينية بين العاقدين أنفسهم، وهذه هي القعدة الأساسية التي بنى عليها التشريع الجديد.
3/ ولقد نظم القانون الجديد طريقة تسجيل العقود، كما نظم طريقة إشهار الدعاوى وعقود الحوالة بالديون العقارية.
تلك هي الفوارق الثلاثة بين التشريعين.
كانت نصوص القانون المدني مبهمة بعض الإبهام وغير مرتبة ترتيبًا منطقيًا، فالمادة 611/ 737 نصت (على عقود انتقال الملكية أو الحقوق العينية القابلة للرهن والعقود المثبتة لحقوق الارتفاق والاستعمال والسكنى والرهن العقاري أو المشتملة على ترك هذه الحقوق).
(ولفظ (المثبتة) هنا معناه المنشئة
Constituifs لا المؤيدة Declaratifs كما يتبين ذلك في عبارة الأصلي الفرنسي للمادة). 
وإذا فهذه المادة نصت على العقود المنشئة للحقوق، لا المؤيدة لها، سواء كانت منشئة لها بالذات أو ناقلة أو مزيلة. 
والمادة 612/ (738 - 739) نصت على الأحكام المؤيدة لتلك الحقوق أو المنشئة لها، والأحكام الصادرة في دعوى البيع الجبري، والعقود المشتملة على قسمة عين العقار، والمادة 613/ 740 نصت على عقود الإيجار الذي تزيد مدتها عن تسع سنوات وسندات الأجرة المعجلة التي تزيد عن ثلاث سنوات.
والمادة 614/ 741 نصت على بعض الديون العقارية الممتازة.
أما القانون الجديد فقد نص على العقود الواجب تسجيلها بهذه العبارة الجامعة (جميع العقود أو الأحكام الصادرة بين الأحياء، بعوض أو بغير عوض، والتي من شأنها إنشاء حق ملكية أو حق عيني عقاري آخر أو نقله أو تغييره أو زواله – والعقود والأحكام المقررة لهذه الحقوق).
ويرى من ذلك أن القانون المدني قد نص على سبيل الحصر على العقود والأحكام الواجب تسجيلها، كأنما الأصل عدم التسجيل والتسجيل استثناء، أما القانون الجديد فقد وفق إلى نص جامع يشمل كل التصرفات العينية العقارية بين الأحياء، فلا يستثني منها إلا ما خرج عن النص.
ولقد قسم القانون الجديد العقود والأحكام التي تشمل هذه الحقوق إلى نوعين:
1 – العقود والأحكام المنشئة للحقوق.
2 – العقود والأحكام المؤيدة للحقوق، وقد الحق بها عقود الإيجار والمخالصات عن الأجرة المعجلة.
وقد جعل القانون لكل من النوعين مادة مستقلة، كما جعل لكل منهما حكمًا خاصًا أساسيًا لنقل الملكية بين العاقدين، ولم يجعل لسوء النية أثرًا في أرجحية العقد المسجل كما سنرى.
وفي المادة الثانية نص القانون على العقود والأحكام المؤيدة للحقوق، وجعل التسجيل شرطًا للاحتجاج بالحق على الغير، ونص على أن التدليس مبطل لأرجحية العقد المسجل. 
ويتبين من مقارنة نصوص القانون المدني بنصوص قانون التسجيل، أن هذا القانون قد نص على وجوب تسجيل عقود وأحكام لم تكن خاضعة للتسجيل في عهد القانون المدني، وإليك بيانها:
1 - العقود المؤيدة لحقوق العينية العقارية بما فيها القسمة، فإن القانون المدني لم ينص في المادة 611/ (737) الأعلى العقود المنشئة للحقوق، ولم ينص في المادة 612/ 739 إلا على عقود قسمة عين العقار، بينما نص قانون التسجيل صراحة في المادة الثانية على وجوب تسجيل هذه العقود.
2 - الأحكام التي من شأنها زوال الحقوق المنصوص عنها في المادة 611/ 737 من القانون المدني.
فإن القانون المدني نص في المادة المذكورة على العقود التي من شأنها إنشاء أو انتقال أو ترك هذه الحقوق، ولكنه اكتفى بالنص في المادة 612/ 738 على الأحكام المنشئة أو المقررة لهذه الحقوق.
ولما كان النص على سبيل الحصر كما رأينا كانت الأحكام المزيلة للحقوق العينية العقارية غير خاضعة للتسجيل في عهد القانون المدني، بينما هي خاضعة له بنص المادة الأولى من قانون التسجيل. 
3 - العقود والأحكام التي من شأنها تغيير هذه الحقوق 
فإن كان هذا التغيير بالزيادة فهو إنشاء لحق فلا مناص من التسجيل، وإن كان بالنقصان فهو ترك للحق، فإن كان بعقد وجب تسجيله في عهد القانون المدني، وإن كان بحكم فلا حاجة إلى التسجيل. 
أما قانون التسجيل فقد نص صراحة على العقود والأحكام التي من شأنها (تغيير) الحقوق العينية العقارية.
وهناك عقود وأحكام لم ينص قانون التسجيل على وجوب تسجيلها. 
1 - الوصية: 
لأن المادة الأولى إنما نصت على العقود (الصادرة بين الأحياء) فالوصية حجة على ورثة الموصي ولو لم تكن مسجلة، لأن ملكية الحق العقاري الموصي به تنتقل بمجرد الوفاة دون حاجة إلى التسجيل. 
وإلى أي مدى تكون الوصية حجة على الغير؟ 
يجب بحث المسألة من الوجوه الآتية: 
( أ ) بالنسبة لمن تلقي حقًا عينيًا عن الموصي على العين الموصي بها. 
(ب) بالنسبة لمن تلقي هذا الحق عن الورثة غير الموصي له.
(جـ) بالنسبة لمن تلقي هذا الحق من الموصى له.
والمفروض هنا أن تكون الوصية بغير مقابل وأنها صحيحة، سواء لأنها لغير وارث ولا تزيد عن النصاب القانوني، أو لإجازة الورثة لها (ويرجع في ذلك إلى أحكام قانون الأحوال الشخصية التابع لها الموصي - مادة (55)).
( أ ) بالنسبة لمن تلقى حقًا عينيًا عن المورث على العين الموصي بها. 
للموصي الرجوع عن الوصية، فإذا تصرف في العين الموصى بها، كان تصرفه صحيحًا 
وقد نص القانون المدني في المادة 617/ 744 على أن تصرف الموصي في العين الموصى بها للغير نافذ في حق الموصى له، إن كان التصرف بمقابل ولو لم يكن بعقد مسجل قبل تسجيل الوصية، وإنما يشترط أن يكون العقد ذا تاريخ سابق على تسجيل الوصية.
ولا يستفاد من هذا النص وجوب تسجيل الوصية لتكون حجة على الغير، لأن القانون لم ينص على ذلك.
وإنما يستفاد منه أنه طالما أن للموصي حق الرجوع في الوصية، وطالما أن الوصية لا ترتب حقًا للموصي له إلا من يوم وفاة المورث، فتصرف الموصي في حياته في العين الموصي بها نافذ في حق الموصى له ولو كانت الوصية مسجلة.
أما إذا ترتب حق للغير على العين الموصى بها بإجراءات ضد الموصي لا باختياره، فلا يمكن أن يقال أن الموصي قصد الرجوع عن الوصية، ولكن في هذه الحالة يرجح حق الغير على حق الموصى له وإن كانت الوصية مسجلة بشرطين، أن يكون حق الغير بمقابل، وأن يكون ثابتًا بعقد ذي تاريخ رسمي سابق على تسجيل الوصية - مادة 617/ 744 وتلك إحدى نتائج القاعدة التي قررها الشارع في المادة (143)، قاعدة أرجحية صاحب الحق بعوض على المتبرع له.
(ب) بالنسبة لمن تلقى الحق عن الورثة غير الموصى له.
الوصية حجة على الورثة وتصبح نافذة ضدهم بمجرد الوفاة، وهي كالحقوق الآيلة عن الإرث حجة كذلك على الغير، فإذا تصرف أحد الورثة في العين الموصى بها فتصرفه باطل ولو لم تكن الوصية مسجلة.
ولكن هل يجوز للورثة إجازة الوصية إضرارًا بحقوق دائنيهم بالذات، أو لهؤلاء الدائنين حق إبطال إجازتهم.
نرى أن لا دخل لهؤلاء الدائنين في هذه الإجازة. لأنه إذا اعتبرنا الوصية تبرعًا من المورث فلا يمكن اعتبار إجازتها تبرعًا من الورثة، وإنما هو دين طبيعي في ذمة المورث
Obligation naturelle إذا أجازه الورثة اعتبر ذلك وفاء للدين ورجع أثره إلى تاريخ الوفاة، أي قبل أن تدخل التركة من ملك الوارث فتصبح محلاً لوفاء ديونه، ولأنه إذا كان دين الوارث سابقًا على التركة فلا يمكن أن يكون نصيبه فيها محلاً لضمان الدين وقت إنشائه، وإن كان لاحقًا بالتركة فقد وقعت الإجازة قبله أو عاد أثرها إلى تاريخ الوفاة.
(جـ) بالنسبة لمن تلقي حقًا عينيًا عن الموصى له. 
إذ كانت العين الموصي بها لا تملك إلا بوفاة الموصي، فكل تصرف من الموصى له قبل الوفاة باطل، كتصرف الوارث في نصيبه من التركة قبل استحقاقها. 
أما إذا كان التصرف حاصلاً بعد وفاة الموصي، فالتصرف حجة طبعًا على الموصى له وهو حجة على الورثة. 
وعند التزاحم بين عقد صادر من الموصي له وعقد آخر صادر من الورثة، يفضل العقد الأول ولو لم يكن مسجلاً، لأنه صادر من مالك بينما العقد الثاني صادر من غير مالك، وإذن لم يكن هناك تزاحم بالمعنى القانون بين عقدين صادرين من مالك واحد. 
أما إذا كان هناك تزاحم بين عقدين أحدهما صادر من المورث والثاني من الموصي له فالأرجحية فيهما للعقد المسجل، وإن كان الاثنان مسجلين فللأسبق منهما في التسجيل، تطبيقًا للمادة 617/ 745، ولأنه إذا قلنا بأن تصرف الموصي يعتبر فسخًا للوصية، فإن هذا الفسخ لا يؤثر في حق الغير الذي اكتسب حقًا عينيًا على العقار الموصي به وحفظه طبقًا للقانون - مادة (107) مختلط. 
هذا هو حكم القانون المدني، أما قانون التسجيل فقد ألغى المادتين 617 و 618 (744 و 745). 
- راجع المادة (16) من هذا القانون.
لأنه لم يكن هناك محل للمادة (617) التي قررت الأرجحية للعقد الثابت التاريخ قبل تسجيل الوصية، طالما أن القانون نص على أن الملكية لا تنتقل في العقود المنشئة للحقوق إلا بالتسجيل - مادة (1). 
2 – الإرث:
لم ينص قانون التسجيل على وجوب إشهار الحقوق الآيلة بالإرث بل قصر ذلك على (العقود الصادرة بين الأحياء).
ولذلك فلا يخضع للتسجيل: محاضر حصر التركة، والأحكام الصادرة بتثبيت حق الوارث على العقار الموروث، وعقود القسمة بين الورثة والأحكام الصادرة فيها، وعقود تخارج الورثة لبعضهم عن حصتهم في عقارات التركة، والأحكام الصادرة بشأن ذلك، وعقود استرداد الورثة للحصة العقارية المبيعة من التركة، والأحكام الصادرة في هذا الموضوع، كما رأينا.
أما إذا اشتملت هذه العقود والأحكام على حق غير موروث، أو دخلها شخص ليس وارثًا ولو تلقى الحق عن أحد الورثة، وجب التسجيل، لحفظ الحق غير الموروث، ولتكون حجة لغير الوارث على الغير.
وعند تنازع شخصين، تلقى أحدهما الحق عن المورث، والثاني عن أحد الورثة، رجح صاحب العقد المسجل كما في الوصية، للأسباب التي ذكرناها، وبالألوية لأن حق الوارث أقوى من حق الموصى له. 
راجع مقال الأستاذ لمبير بمجلة مصر الحديثة المجلد (4) ص 207/ 212 – والأستاذ عبد السلام بك ذهني - إثبات المداينات ج (2) ص (296) والحاشية الأولى ومقاله بمجلة المحاماة س 6 ص (625) - والأستاذ نجيب بك الهلالي في البيع ص (288) ن (459) وما بعدها.
وراجع حكم محكمة الاستئناف المختلطة في 2 مارس سنة 1916 - مجلة التشريع والقضاء س 28ص (186) - وحكم محكمة الاستئناف الأهلية في 10 مايو سنة 1921، المجموعة الرسمية س 24 رقم (17) - وحكم محكمة النقض الفرنسية - دللوز 1904 - 1 - 5. 
3 - العقود والأحكام الصادرة في البيع الجبري للمنفعة العامة: 
قدمنا أن إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة لا تخضع للتسجيل في عهد القانون المدني، واستندنا في ذلك إلى نص الفقرة الأخيرة من المادة (5) من القانون رقم (5) لسنة 1907، وإلى أقوال الشراح الفرنسيين ولكن هل يكون كذلك الحكم في عهد قانون التسجيل. 
نعتقد ذلك بالرغم من إطلاق نص المادة (1)، لأن هذه الإجراءات من شأنها دخول العقار في المنافع العامة فيصبح غير قابل للتصرف فيه، لأنه يكفي لدخوله في المنافع العامة صدور مرسوم بذلك، وأخيرًا لأن في إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة العلانية الكافية، كما يقول العلامة بودرى. 
ولا شك أن في خروج هذه المسائل الثلاث من حكم المادة الأولى من قانون التسجيل نقصًا في التشريع، من شأنه عدم ضمان المعاملات العقارية على الوجه الأكمل، خصوصًا في الوقت الذي شرع فيه في وضع نظام السجلات العقارية. 
ولقد نادى بذلك الأستاذ عبد السلام بك ذهني في مقالين نشرا بمجلة المحاماة س 6 ص (597) وس 7 ص (433). 
4 - ولقد آثار قانون التسجيل بعض مسائل قد كثر فيها الجدل بين رجال القانون، ومنها ما فصلت فيه المحاكم، ومنها ما لم تفصل فيه إلى الآن. 
ومن هذه المسائل:
1/ ماهية (الالتزامات الشخصية) التي نصت عليها الفقرة الثالثة من المادة الأولى.
2/ منشأ حق الشفعة في العقود غير المسجلة.
3/ أثر مبدأ عدم انتقال الملكية في جريمة بيع العقار غير المملوك للبائع.
4/ نظرية سوء النية في القانون الجديد.
5/ التقادم الخمسي، أو السبب الصحيح وقانون التسجيل.
6/ حقوق دائني البائع ودائني المشتري - وغير ذلك من المسائل. 
ويرجع جميع هذه المسائل في الواقع إلى مسألة واحدة، وهي تفسير القاعدة الأساسية التي بنى عليها التشريع الجديد، قاعدة عدم انتقال الملكية بين العاقدين إلا بالتسجيل.
1 - ماهية الالتزامات الشخصية
جاء بالفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون التسجيل: 
(ولا يكون للعقود غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين المتعاقدين) 
وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون تحت رقم (4) 
(فيتعين مراعاة للمصلحة العامة ضمان إشهار التصرفات العقارية، بتقرير جزاء قانوني يكون أشد صرامة من مجرد عدم إمكان التمسك بهذه التصرفات في وجه غير المتعاقدين، فيتحتم إذًا جعل التسجيل شرطًا أساسيًا لانتقال الملكية والحقوق العينية بالنسبة للمتعاقدين ولغير المتعاقدين على السواء 
وهذه القاعدة، التي هي شرط أساسي لنظام السجلات العقارية، إن لم تكن لازمة فهي على الأقل ضرورية لنظام يتخذ تمهيدًا لتلك السجلات).
ويتبين من المذكرة الإيضاحية أن واضعي مشروع القانون قد أخذوا، في تقرير مبدأ عدم انتقال الملكية إلا بالتسجيل، بالمادة (711) من مشروع تنقيح القانون المدني بالبلجيكي، التي نصت على أن (انتقال ملكية العقارات يتم متى أشهر البيع بالطريقة المنصوص عليها في باب الامتياز والرهن العقاري).
وقد عللت ذلك اللجنة التي وضعت مشروع تنقيح القانون البلجيكي بالصعوبات الهامة في العمل التي يثيرها مبدأ انتقال الملكية بمجرد الإيجاب والقبول، وجعلت اللجنة، أساسًا فقهيًا للمادة (711) المذكورة، الفارق بين الحق الشخصي والحق العيني. 
فإن الحق الشخصي هو مجرد ارتباط قانوني بين شخصين أو أكثر، فهو بطبيعته ليس حجة على الغير، فليس ما يمنع من إنشاء هذا الحق بمجرد الإيجاب والقبول بين الطرفين. 
أما الحق العيني فهو تكليف لشخص أو أكثر على عين ينشئ ارتباطًا قانونيًا بين صاحب الحق والكافة بشأن هذه العين فلا يمكن أن ينشأ هذا الارتباط عن عمل صادر بين العاقدين دون أن يعلم به الغير، وإنما ينشأ بالتسجيل، أي بإعلان هذا الغير.
وما لم يحصل هذا التسجيل فلا يترتب على العقد سوى التزام شخصي بين العاقدين. 
إلا أن هذا الحق الشخصي لا يقف عند حد التعويض، وإنما يعطي لصاحبه حق مطالبة من تعاقد معه بتنفيذ ما تعهد به، أي بنقل الحق إليه بالقيام بالإجراءات القانونية اللازمة لإشهار التصرف، لأن نقل الملكية ليس ركنًا من أركان البيع، ولكنه نتيجة من نتائجه، ولأن معنى الالتزامات الشخصية التي نص عليها القانون الالتزامات الناشئة عن طبيعة عقد البيع. 
هكذا قررت لجنة تعديل القانون البلجيكي (راجع المذكرة الإيضاحية).
وهكذا ذهب الأستاذ عبد السلام بك ذهني (المحاماة س 6 ص (605) و س 7 ص (439)) والأستاذ حامد بك فهمي (المحاماة س 5 ص (731)) – والأستاذ عبد الوهاب بك محمد (المحاماة س 5 ص (847)). 
وبذلك قضت محكمتا الاستئناف المختلطة والأهلية بعد أحكام كثيرة متناقضة صدرت في هذا الموضوع. 
قالت محكمة الاستئناف المختلطة في حكمها الصادر في 21 ديسمبر سنة 1926 (مجلة التشريع والقضاء س 39 ص (102) – المحاماة س 8 ص (238)): 
(ليس نقل الملكية ركنًا من أركان البيع ولكنه نتيجة من نتائجه (مادة 336)، وإذا كانت الملكية تنتقل، قبل القانون رقم (19) لسنة 1923، بين العاقدين بمجرد البيع، وبالنسبة للغير بالتسجيل، فإنها أصبحت، على مقتضى هذا القانون،لا تنتقل حتى بين العاقدين إلا بالتسجيل). 
(وإذا كانت ملكية العين المبيعة لا تنتقل، على مقتضى القانون المشار إليه، مباشرة وبمجرد البيع - أي أن حق المشتري ليس حقًا عينيًا
jus in re – إلا أن حقه بالنسبة للعين المبيعة قد ترتب في ذمة البائع بمجرد البيع Jus ad rem بمعنى أنه أصبح للمشتري حق مطالبة البائع باستيفاء الإجراءات التي توصله إلى تملك العين التي تعهد البائع بنقل ملكيتها إليه). 
وقالت محكمة الاستئناف الأهلية (الدوائر المجتمعة) في حكمها الصادر في 3 ديسمبر سنة 1927 (المحاماة س 8 ص (298)): 
(نقل الملكية ليس ركنًا من أركان البيع ولكنه أثر من آثاره، بدليل تعريف البيع في القانون (مادة 235)، ولجواز تعليق نقل الملكية على شرط أو إضافته إلى وقت، وجواز بيع ما لا يتحقق وجوده وقت البيع). 
(وإن قانون التسجيل لم ينص على بطلان العقد غير المسجل واعتباره كأن لم يكن، ولكنه نص على تعليق نقل الملكية على التسجيل، فيصبح العقد من العقود المعلق فيها نقل الملكية على شرط، فهو صحيح). 
(وإن قانون التسجيل قد نص على أنه لا يترتب على العقد غير المسجل إلا التزامات شخصية، دون بيان مدى هذه الالتزامات، ولا على من تقع في ذمته تلك الالتزامات من البائع والمشتري، وإذا كان هذا القانون استثنائيًا جاء مقيدًا لحرية العاقدين وجب تفسير نصوصه بالرجوع إلى أحكام القانون العام). 
ويترتب على ما تقدم: 
1 - إن للمشتري غير المسجل عقده طلب استيفاء الإجراءات الموصلة للتسجيل فنقل الملكية.
2 - وله حق استلام العين المبيعة قبل التسجيل طالما لم يتعلق بها حق الغير.
3 - وإذا ما استلمها كان هلاكها عليه ولو حصل قبل التسجيل - راجع الأستاذ عبد السلام بك ذهني - المحاماة س 6 ص606).
4 - وللبائع المطالبة بالثمن ولو لم يسجل المشتري عقده. 
5 - وهل للمشتري الذي لم يسجل عقده بيع العقار أو رهنه أو ترتيب حق عيني عليه.
الفرض هنا أنه لم يتعلق بالعقار حق للغير عن طريق البائع، وأن من تصرف له المشتري قد حفظ حقه بالتسجيل. 
نرى أن صحة التصرف تصبح معلقة على شرط تسجيل عقد المشتري، فإذا ما سجله ولو بعد التصرف، رجع أثر حقه إلى تاريخ الشراء وصح تصرفه، لأن البيع غير المسجل بيع معلق فيه نقل الملكية على شرط التسجيل، كما قالت محكمة الاستئناف الأهلية في حكمها المشار إليه، ولأن أثر الشرط يرجح إلى تاريخ العقد - مادة 105/ 159. 
ونرى ضرورة تسجيل عقد المشتري ولو بعد التصرف لتصحيح مركز المتصرف له، لنقل الملكية من البائع للمشتري حتى يستطيع الأخير نقلها للغير لأن قانون التسجيل قد ألغى المادة 619/ 746 التي نصت على الاكتفاء بتسجيل التصرف الأخير عند تعدد عقود انتقال الملكية بين ملاك متوالين. 
أما إذا تعلق بالعقار حق للغير عن طريق البائع، وسجل الغير عقده قبل تسجيل عقد المشتري، ولو بعد تسجيل عقد المتصرف له من المشتري، أصبح هذا التصرف معدوم الأثر قبل الغير، لصدوره من غير مالك، ولاستحالة تصحيح مركز المشتري بقطع رجوع أثر تسجيل عقده بتسجيل عقد الغير قبله مادة 106/ 160.
6 - ويترتب على ماهية الالتزامات الشخصية القضايا التي سنعرض لبحثها فيما يلي.
2 - الشفعة وقانون التسجيل
كتب في هذا الموضوع قبلنا الأساتذة حامد بك فهمي (المحاماة س 5 ص (729)) وعبد الوهاب بك محمد (المحاماة س 5 ص (847)) وعبد السلام بك ذهني (المحاماة س 6 ص (612)). 
وقد أجمع الأساتذة الثلاثة على ثبوت حق الشفعة في البيع غير المسجل في عهد القانون الجديد.
وقد بنى الأستاذ حامد بك رأيه على أن القانون لا يشترط في الشفعة كون البيع صحيحًا، ناقلاً للملكية، خاليًا من خيار شرط للبائع، كما اشترطت الشريعة الإسلامية ذلك. 
واستند الأستاذ عبد الوهاب بك إلى كون التسجيل ليس ركنًا من أركان البيع ولكنه أثر من آثاره، وإلى كون الشفيع إنما يتلقى حقه عن البائع مباشرة، وإلى أن تعليق حق الشفعة على التسجيل من شأنه جعل تعطيل حق الشفعة بيد المشتري لأن أمر التسجيل موكول لإرادته. 
وارتكن الأستاذ ذهني بك على أن المشتري غير المسجل عقده مالك على شرط التسجيل، وبتحقق الشرط تنتقل الملكية إليه من يوم الشراء، وأن الشفيع يحل محل المشترط بشرطه، فإذا ما سجل عقده أو حكمه انتقلت الملكية إليه من البائع مباشرة ومن يوم الشراء. 
ولقد أخذت محكمتا الاستئناف المختلطة والأهلية بهذا الرأي وقضتا، بالحكمين المشار إليهما، بجواز لأخذ بالشفعة من المشتري غير المسجل عقده للأسباب التي نقلناها عن الحكمين المذكورين، فيما يتعلق بحق المشتري، وللأسباب التي استند إليها الأساتذة المذكورون، فيما يتعلق بحق الشفيع.
وينبني على ذلك أن حق الشفعة يسقط بمضي الميعاد القانوني من يوم العلم بالبيع، وليس من يوم العلم بالتسجيل. 
- راجع الحكمين المذكورين.
3 - جريمة بيع العقار غير المملوك للبائع
إذا كانت الملكية لا تنتقل بين العاقدين إلا بالتسجيل، فمعنى هذا أن البائع يظل مالكًا إلى أن يحصل التسجيل، فإذا ما باع العين لثالث صح البيع، وانتقلت الملكية إليه إذا سجل عقده قبل تسجيل عقد المشتري الأول. 
فهل تنطبق المادة (293) عقوبات على تصرف البائع في هذه الحالة. 
يقول الأستاذ أحمد بك أمين (شرح قانون العقوبات الأهلي - القسم الخاص - ص (738)): 
(إما إذا تصرف في عقار سبق له التصرف فيه لشخص آخر، فيختلف الحكم بحسب ما إذا كان حق الملكية السابق التصرف فيه قد انتقل فعلاً إلى المتصرف له أولاً بالتسجيل أم لا - انظر المادة الأولى من القانون نمرة (18) لسنة 1923 الخاص بالتسجيل).
(فإن كان التصرف الأول بيعًا مثلاً وسجل المشتري عقده، فانتقلت الملكية إليه من تاريخ التسجيل فقط، ومن ذلك التاريخ عينه يصبح البائع غير مالك للعين المبيعة، فإذا باعها مرة أخرى بعد تسجيل عقد البيع الأول، عد متصرفًا في مال ثابت ليس مملوكًا له ولا له حق التصرف فيه، وإذن يتعين عقابه بالمادة 293 ع) . 
(أما إذا كان المشتري الأول لم يسجل عقده، وباع البائع العقار مرة أخرى إلى مشترٍ ثانٍ، وسجل هذا المشتري الثاني عقده، فإن الملكية تنتقل إليه هو بالتسجيل، ولا عقاب على البائع في هذه الحالة، لأن البيع الأول الذي لم يسجل لم يخرج الملكية من يده قط، ولأنه وقت حصول البيع الثاني كان القانون لا يزال يعتبره مالكًا للعين المبيعة، فإذا كان قد تصرف فيها مرة أخرى فهو قد تصرف في عقار لا يزال مملوكًا له، وإذن لا ينطبق عليه حكم المادة (293 ع)، ذلك بأن المادة الأولى من قانون التسجيل الجديد تنص على أنه ( يترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها - أي حق الملكية والحقوق العينية العقارية الأخرى - لا تنشأ ولا تنقل ولا تغير ولا تزول لا بين المتعاقدين ولا بالنسبة لغيرهم، ولا يكون للعقود غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين المتعاقدين). 
(ولا دخل لحسن النية وسوئها فيما يتعلق بعلاقة البائع بالمشتريين الأول والثاني في هذه الحالة، كما أن حسن نية المشتري الثاني أو سوءها وقت الشراء لا يغير من وجه المسألة في شيء قط، لأن انتقال الملكية أصبح بحكم القانون الجديد مرتبطًا بالتسجيل وبالتسجيل وحده، ولا تكون الأسبقية بناءً على ذلك إلا لمن انتقلت إليه الملكية فعلاً). 
(وإذا باع البائع العقار إلى مشترٍ أول ثم إلى مشترٍ ثانٍ، ثم سجل أحد المشتريين عقده بعد صدور البيعين من البائع، انتقلت الملكية إلى من سجل عقده منهما، أما البائع فلا يعاقب بالمادة (293 ع) على كل حال، لأنه كان مالكًا للعقار وقت صدور كل من البيعين). 
(وكذلك يكون الحكم إذا باع البائع عقاره إلى مشتريين على التعاقب ولم يسجل أحدهما عقده لأن الملكية لم تخرج في هذه الصورة عن البائع بحال).
ويقول الأستاذ جندي بك عبد الملك (مجموعة المبادئ الجنائية - ص (698)). 
(47 - التصرف السابق - إذا تصرف شخص في عقار سبق له التصرف فيه، فيشترط لعقابه على التصرف الثاني أن يكون التصرف الأول ناقلاً للملكية، وقد كانت الملكية وغيرها من الحقوق العينية، قبل القانون رقم (18) سنة 1923 الخاص بالتسجيل، تنتقل بمجرد حصول العقد فجاء هذا القانون وقضى بأنها لا تنتقل إلا بالتسجيل...).
(فإذا صدر البيع الأول بعد تاريخ العمل بقانون التسجيل (وهو أول يناير سنة 1924) أو لم يكن له تاريخ ثابت رسميًا قبل ذلك التاريخ، ولم يسجل المشتري عقده، وباع البائع العقار مرة أخرى لمشترٍ ثانٍ، فلا عقاب على البائع، سواء سجل المشتري الثاني عقده أو لم يسجل، لأن البيع الأول لم يخرج الملكية من يد البائع). 
ويخالف الأستاذ عبد السلام بك ذهني زميليه فيقول (المحاماة س 6 ص (626)).
(وإننا لا نقر هذا الرأي، ونرى محلاً للمؤاخذة الجنائية واعتبار البيع الثاني نصبًا معاقبًا عليه بالمادة (293) عقوبات، فيما إذا كان هناك تواطؤ بين البائع والمشتري الثاني).
وتتلخص الأسباب التي بنى عليها الأستاذ رأيه فيما يلي: 
1 - إن المشتري الأول، ولو لم تنتقل إليه الملكية، إلا أن حقه قد تعلق بالعقار، ولأن التدليس مبطل للتصرف الثاني بالرغم من تسجيله، فإذا كان هذا التصرف باطلاً مدنيًا فلا بدَّ أن يكون العقد مؤاخذًا عليه جنائيًا. 
2 - أن علة التشريع في جريمة التصرف في ملك الغير، كما ثبت من محضر جلسة مجلسة شورى القوانين، هو الاحتيال على سلب مال الغير، وأن هذه العلة متوفرة لا تزال قائمة في عهد التشريع الجديد.
ونحن نخالف الأستاذ ذهني بك في رأيه وننضم إلى رأي زميليه السابقين للأسباب الآتية: 
1 - لأنه وإن كان للمشتري الأول، في عهد القانون الجديد، حق شخصي يتعلق بالعقار
Jus ad rem، كما ذهبت إلى ذلك محكمتا الاستئناف المختلطة والأهلية، إلا أن هذه العلاقة تنقطع بمجرد تعلق حق الغير بهذا العقار بالتسجيل.
2 - لأن قانون التسجيل قد قضى على نظرية حسن النية وسوئها، فيما يتعلق بالعقود والأحكام المنشئة للحقوق، كما سنرى
ولأنه على فرض العكس، فإن التواطؤ الذي يشير إليه الأستاذ ذهني بك في السبب الأول، من شأنه أن يحفظ الملكية للمشتري الأول، فلا يحق له التظلم من البيع الثاني، خصوصًا وأن البائع له كان مالكًا للعين المبيعة وقت شرائه.
ولأن المشتري الثاني كذلك لا يحق له في هذه الحالة التظلم من البيع له، لأنه يعلم بأسبقية البيع لغيره فرضًا. 
3 - ولأنه لا محل للبحث في علة التشريع طالما أن الركن الأساسي للجريمة (بيع ملك الغير) غير متوفر. 
أما الأحكام التي عثرنا عليها في هذا الموضوع فهي الآتية:
حكم محكمة منفلوط في 3 ديسمبر سنة 1924 (المحاماة س 5 ص (553)) وقد أخذ بالرأي الأول.
حكم محكمة جرجا في 30 نوفمبر سنة 1926 (المحاماة س 8 ص (379)) - وحكم محكمة الإسكندرية الاستئنافية في 27 نوفمبر سنة 1927 (المحاماة س 8 ص (516)) - وقد أخذ الحكمان بالرأي الثاني.
4 - نظرية حسن النية وسوئها في مادة التسجيل
( أ ) في القانون المدني - الفرق بين العلم بالبيع السابق وسوء النية 
1 - مقابلة بين الأصل الفرنسي والترجمة العربية للمادة (270) 
الأصل الفرنسي:
A l’égard des tiers qui sont de bonne foi, qui ont juste titre et qui ont conservé leurs droits daus les formes légales, la propriété n’est transmise, en ce qui concerne les immeubles, que par la transcription de l’acte de vente, ainsi que cela sera expliqué plus loin.
وهذا النص مطابق لنص المادة (341) من القانون المختلط الذي هو مصدر التشريع الأهلي. 
الترجمة العربية: 
(لا تنتقل ملكية العقار بالنسبة لغير المتعاقدين من ذوي الفائدة فيه إلا بتسجيل عقد البيع كما سيذكر بعد متى كانت حقوقهم مبنية على سبب صحيح محفوظة قانونًا وكانوا لا يعلمون ما يضر بها). 
يرى من مقارنة النصين أن مترجمي القانون الأهلي عربوا عبارة (
de bonne foi) بعبارة (وكانوا لا يعلمون ما يضر بها). 
وهذا التعريب خطأ، لأن العلم بالبيع شيء وسوء النية شيء آخر. 
وقد نشأ عن الخطأ في الترجمة خطأ بعض الأحكام الأهلية التي قضت بأن مجرد العلم يكفي لسقوط حق المشتري في التمسك بأرجحية تسجيله.
وإذا كانت ترجمة المادة (270) غير صحيحة، وجب طبعًا الرجوع إلى الأصل الفرنسي. 
وإذن لا يمنع المشتري من التمسك بتسجيله سوى سوء نيته، لا مجرد علمه بالبيع.
2- الفرق بين العلم وسوء النية: 
قد يقال بأن العلم يفيد سوء النية، أو أن سوء النية يندمج في العلم، ولكن هذا غير صحيح، لأن مجرد العلم بالبيع السابق في ذاته لا يفيد سوء النية. 
وإنما سوء النية معناه (العلم بالبيع السابق، والاتفاق مع البائع على الإضرار بالمشتري)
Concert frauduleux 
أمثلة عملية تبين الفرق بين الحالتين: 
1/ علمت بأن مديني باع عقاره، وهو ضماني الوحيد لسداد ديني، فأسرعت وأخذت اختصاصًا على العين قبل تسجيل عقد المشتري.
هنا علمت بالبيع، ولكنني لم أقصد الإضرار بالمشتري، وإنما دفع ضرر عن نفسي، وهنا لا علاقة للبائع بعملي مطلقًا. 
2/ علمت بالبيع وبعدم تسجيل المشتري عقده، ولمصلحة لي في اقتناء الصفقة انتهزت فرصة إهمال المشتري، فاشتريت وسجلت عقدي قبله. 
هنا علمت بالبيع، ولكني لم أقصد الإضرار بالمشتري، وإنما قصدت مصلحة لي، سواء لرجحان الصفقة، أو لفائدة تعود على عقاري من العقار المبيع، أو قصدت اتقاء ضرر يقع بي من جار مشاكل، أو ضرر يقع بعقاري من العقار المبيع إذا كان بيد الغير. 
وهنا البائع قد يكون سيئ النية، ولكن سوء النية لم يتعدَ شخصه. 
3/ بيع عقار كان لي حق الشفعة فيه، ولكن حقي في الشفعة سقط لاحتيال المشتري في الهرب من الشفعة، أو تعجيزي عنها، بتحرير عقد البيع في صورة عقد بدل، أو بالمبالغة في تقدير الثمن مثلاً. 
علمت هنا بالبيع، وعدم التسجيل، فأقنعت البائع بحقي المهضوم، فباعني العين وسجلت عقدي قبل المشتري، وهنا لست آثمًا ولكنني دافعًا للإثم، وهنا البائع ليس آثمًا ولكنه راجع في الإثم. 
4/ علمت بالبيع، ولكني علمت في الوقت نفسه بأن عقد المشتري ليس سوى مشروع عقد بيع، أو أنه بيع ابتدائي يجوز العدول عنه، أو بأن بالعقد عيبًا يبطله، فاشتريت وسجلت عقدي. 
هنا لم أعتد على حق للمشتري لعدم تعلق حقه بالعين، وهنا لم يتجاوز البائع حقه في البيع ثانيًا. 
في جميع هذه الحالات وما شابهها، لا يمكن أن يقال أن عملي كان مقصودًا به الإضرار بالمشتري السابق، ولكنه عمل بريء قصدت به دفع الضرر عن نفسي. 
وهو عمل أساسه يقظة من جانبي وإهمال من جانب المشتري السابق. 
في جميع هذه الحالات أعلم بالبيع السابق ولكنني حسن النية، وليس بيني وبين البائع تواطؤ على الإضرار بالمشتري. 
وهناك حالات أخرى يتحقق فيها سوء النية وقصد الإضرار بالغير من جانب المشتري الثاني والبائع معًا - مثال ذلك 
5/ باع شخص لآخر عينًا، ثم اتفق البائع مع ثالث على أن يبيعه العين بثمن بخس، على أن يبادر المشتري الثاني إلى تسجيل عقده قبل الأول بقصد الإضرار به. 
فتضيع العين على المشتري الأول.
ويكسب البائع الثمنين. 
ويقتني المشتري الثاني العين بالبخس.
في هذه الحالة لم تكن المصلحة البريئة هي الباعث على الشراء، وإنما قصد الإضرار بالمشتري الأول، والانتفاع بربح غير مشروع على حسابه.
وفي هذه الحالة كلا البائع والمشتري الثاني سيئ النية، فهناك تواطؤ بينهما، أي اتفاق على الإضرار بالغير
Concert frauduleux.
6/ وهناك حالة أخرى تكلم عنها بعض الشراح، وفصلت فيها بعض المحاكم، وهي حالة البيع الصوري.
باع شخص لآخر عينًا، ثم ندم على البيع، فباع العين صوريًا باسم ثالث، وسجل العقد قبل تسجيل عقد المشتري الأول.
هنا سوء النية ظاهر 
ولكن هذه الحالة لا تنطبق في الواقع على المادة (270)، لأن العقد الصوري معدوم الأثر، وإذن لا يوجد تزاحم بين عقدين، فالعقد الأول يصبح صحيحًا بمقتضى القواعد العامة لصورية العقود وليس تطبيقًا للمادة (270). 
3 - نظرية شبه الجريمة: 
تستند الأحكام الصادرة بأن مجرد العلم بالبيع يكفي لتحقق سوء النية إلى سببين أساسيين: 
الأول: النص العربي للمادة (270) وقد بينا خطأ الاستناد إلى هذا النص.
الثاني: أن البائع يعتبر آثمًا بالبيع مرة ثانية، ويعتبر المشتري منه شريكًا معه في الإثم، فلا يجوز للمشتري أن ينتفع من إثمه. 
وهذا غير صحيح.
لأن لا جريمة في الحالات التي ذكرناها على البائع، لا بالنسبة للمشتري الأول ولا بالنسبة للمشتري الثاني. 
أما بالنسبة للأول، فلأن البائع كان مالكًا وقت البيع، فلا تنطبق عليه المادة (293) عقوبات - أحمد بك أمين - ص (738) و (739). 
وأما بالنسبة للثاني، فلأنه يعلم بالبيع السابق افتراضًا فلا نصب. 
هل هناك شبه جريمة، خطأ مدني موجب للتعويض (
quasi – délit) . 
إن كان هذا مفروضًا من جانب البائع في غالب الأحوال، فليس مفروضًا في كلها، ففي المثل الرابع الذي ذكرناه نرى البائع لم يتعد حقه في البيع ثانيًا، وفي المثل الأول لا دخل للبائع مطلقًا وليس شبه الجريمة مفروضًا على كل حال من جانب المشتري، لعدم توفر أركان شبه الجريمة في مجرد الشراء مع العلم بالبيع السابق.
لأن ليس في ذلك خطأ بالمعني القانوني (
faute) ، لأن لا ارتباط بين المشتري فلا خطأ تعاقدي ولأن في الإقدام على الشراء مجرد استعمال حق، وليس في ظروف العمل بالبيع إساءة في استعمال الحق لتعارض مصلحة المشترين، ولمشروعية التزاحم إلى أن يكتسب المشتري الأول حقه على العقار بالتسجيل، ولأنه إن كان هناك ضرر وقع بالمشتري السابق، فهذا الضرر ناشئ عن عدم تسجيل عقده، وليس ناشئًا مباشرة عن شراء المشتري الثاني (Préjudiee indireet) 
لا تتوفر أركان شبه الجريمة إلا بالتواطؤ بين البائع والمشتري الثاني للإضرار بالمشتري الأول، ولا يثبت هذا التواطؤ من جانب المشتري الثاني إلا في حالة تعمده الإضرار بالمشتري السابق، أو في حالة استفادته على حسابه فائدة غير مشروعة. 
إذن لا محل للاستناد إلى النص العربي للمادة (270).
ولا محل للاستناد إلى نظرية الجريمة أو شبه الجريمة. 
4 - آراء العلماء الفرنسيين وأحكام محاكمهم: 
اتفقت كلمة هؤلاء العلماء، وأجمع قضاؤهم، على أن مجرد العلم بالبيع لا يكفي لسقوط حق المشتري في التمسك بتسجيل عقده. 
لسببين: 
الأول: لأن القانون فرض طريقة واحدة لإشهار البيع ولإثبات العلم به، وهي التسجيل فإذا كان العقد مسجلاً، فهذه قرينة قانونية قاطعة على علم الغير بحصول البيع، ولا يجوز افتراض طريقة أخرى لإثبات العلم به. 
الثاني: لأن الغرض من التسجيل تأمين الناس على معاملاتهم العقارية، فنظام التسجيل إنما وضع للمصلحة العامة، وتقتضي هذه المصلحة اعتبار التسجيل الطريقة الوحيدة لإشهار العقود، فلا يجوز أن توضع العقبات في كل قضية في سبيل احترام هذه القاعدة بادعاء علم المشتري بالبيع. 
- راجع بودرى كتاب الالتزامات - جزء (1) فقرة (397) ص (440) و (441) طبعة ثانية.
وكاربنتيه جزء (35) (تسجيل) ص (1090) الفقرات (705)، (707) و (709) و (710) و (711) و (712) و (713). 
وراجع الأحكام الكثيرة الصادرة من محكمة النقض الفرنسية الواردة بهذه المراجع. 
وراجع كذلك حكمها الحديث الصادر في 7 ديسمبر سنة 1925 المنشور بمجلة المحاماة 5 ق (294). 
أما إذا كان هناك تواطؤ بين البائع والمشتري الثاني، بقصد الإضرار بالمشتري الأول، فلا يجوز الاحتجاج بتسجيل العقد قبل المشتري الأول، لأن الشارع لا يقصد بشرط التسجيل حماية الاتفاقات المبنية على الغش والتدليس، لأن الغش مبطل لكل التصرفات
Fraus omnia corrumpit 
- راجع بودرى - ص (439) فقرة (396) 
وكاربانتييه الفقرات (713) و (715) و (718) 
5 - قضاء محكمة الاستئناف المختلطة:
إذا لاحظنا أن القانون الأهلي مأخوذ عن القانون المختلط، وأن المادة (270) أهلي هي المادة (341) مختلط حرفًا بحرف، علمنا مبلغ تأثير القضاء المختلط في موضوعنا. 
ذهبت محكمة الاستئناف المختلطة، في تفسير المادة (341)، ثلاثة مذاهب على الترتيب الآتي: 
( أ ) فالأحكام الصادرة في العهد الأول للقضاء المختلط فسرت سوء النية بصورية عقد البيع الثاني. 
فإذا كان عقد البيع صوريًا، كان هذا هو سوء النية المقصود بالمادة (341)، وإذا كان البيع صحيحًا، ولو كان المشتري الثاني يعلم بالبيع الأول، فلا سوء نية. 
راجع الأحكام الآتية: 
30 إبريل سنة 1890 - مجلة التشريع والقضاء س 2 ص (106) 
19 فبراير سنة 1896 - س 8 ص (121) 
12 يناير سنة 1898 – س 10 ص (95) 
(ب) وفي 24 نوفمبر سنة 1903 – المجلة المذكورة س 17 ص (25) – صدر حكم بأن مجرد العلم بالبيع يكفي لتحقق سوء النية.
(جـ) ولكن محكمة الاستئناف عادت فأخذت بالمبدأ الذي سارت عليه المحاكم الفرنسية وشراح القانون الفرنسي، وقررت بأن مجرد العلم لا يكفي لتحقق سوء النية، وإنما يجب أن يكون هناك اتفاق بين المشتري الثاني والبائع على الإضرار بالمشتري الأول 
- راجع جدول الأحكام الآتية:
تاريخ الحكم
سنة المجلة
الصحيفة
12 فبراير سنة 1908
20
89
23 مايو سنة 1912
24
254
6 مايو سنة 1913
25
356
29 يناير سنة 1914
26
194
23 إبريل سنة 1914
26
343
2 ديسمبر سنة 1914
27
42
17 ديسمبر سنة 1914
27
68
30 ديسمبر سنة 1915
28
88
8 فبراير سنة 1917
29
205
صدر في الأثناء بعض الأحكام بمعنى حكم 24 نوفمبر سنة 1903، ولكن هذه الأحكام، التي خرجت عن الإجماع، لم تغير مذهب القضاء المختلط.
وآخر الأحكام الصادرة في هذا الموضوع على ما وصل إليه بحثنا حكم صادر من الرئيس بافييرا في 10 فبراير سنة 1925 - المجلة س 37 ص (214). 
نص هذا الحكم في أسبابه على إجماع القضاء المختلط على وجوب إثبات التواطؤ بين البائع والمشتري الثاني على الإضرار بالمشتري الأول، وهذا يغنينا طبعًا عن زيادة المناقشة في الموضوع. 
6 - قضاء محكمة الاستئناف الأهلية: 
عثرنا في هذا الموضوع على حكمين حديثين: 
أحدهما في 14 مايو سنة 1923 - المحاماة س 4 ص (32) 
والثاني في 12 مايو سنة 1925، المحاماة س 5 ص (809). 
قرر الحكم الأول:
(إن أفضلية المشتري بالتسجيل لا تستقيم إلا بتوفر شرط حسن النية، وقد تزول بثبوت علم المشتري بسبق البيع من بائعه لأشخاص آخرين، لما في ذلك من الدلالة على الاتفاق مع البائع على الإضرار بحق هؤلاء المشترين).
ظاهر هذا الحكم يتناقض مع نظرية المحاكم الفرنسية والمحاكم المختلطة، والواقع أنه يؤيدها: 
1/ لأنه قرر بأنه لا بد من إثبات سوء النية.
2/ وفسر سوء النية بالاتفاق بين البائع والمشتري الثاني على الإضرار بالمشتري الأول. 
3/ ولكنه قرر بأن حسن النية قد يزول (بصيغة الشك) بثبوت العلم.
وهذا تقدير لا علاقة له بالمبدأ، ولكن بظروف القضية.
وقرر الحكم الثاني: 
(وحيث إنه قد حصلت مناقشة من الوجهة القانونية فيما إذا كان المشتري الثاني، الذي سجل أولاً يعتبر سيء النية، لمجرد علمه بالبيع الأول الذي لم يسجل أصلاً أو الذي سجل بعد تاريخ تسجيله). 
(وحيث إن القضاء جرى على أنه إذا كان المشتري يعلم بالبيع الأول فمجرد العلم بغير تواطؤ لا يمنعه من التمسك بعدم التسجيل، أما إذا كان مع علمه هذا قد اشترى بطريق التواطؤ مع البائع للإضرار بحقوق المشتري الأول، الذي أهمل التسجيل، فلا يكون محقًا في التمسك بعدم تسجيل البيع الأول - راجع كتاب شرح البيع للأستاذ محمد حلمي عيسى باشا ص (372) و (373)).
وإذن فقضاء محكمة الاستئناف الأهلية قد جرى - كما يقول الحكم الأخير - على أن مجرد العلم بالبيع لا يحقق سوء النية. 
7 - قضاء محكمة النقض الطليانية:
لهذا القضاء أهمية خاصة في موضوعنا، لأننا نعتقد أنه كان له أثر ظاهر في التشريع المصري الجديد (القانون رقم (18) و (19) لسنة 1923).
القانون الطلياني كالقانون الفرنسي لم ينص على حسن النية وسوئها. 
ولكن المحاكم الطليانية سارت مع المحاكم الفرنسية في أول الأمر على أن سوء نية المشتري الثاني يحرمه من الاحتماء بالتسجيل أخذًا بالقاعدة الرومانية الشهيرة
Fraus omnia corrumpit.
والمحاكم الطليانية كالمحاكم الفرنسية والمحاكم المختلطة، ونستطيع أن نقول والمحاكم الأهلية، قد أجمعت حينئذ على أن مجرد العلم بالبيع لا يكفي لإثبات سوء النية. 
ولكن المحاكم الطليانية، فطنت، بعد ذلك وقبل غيرها من المحاكم، إلى أن المعاملات العقارية، تحتاج إلى ضمان أوفى، وأن لا ضمان إذا أجيز للمشتري غير المسجل عقده أن يدعي بسوء نية المشتري المسجل عقده، لأن بذلك تضيع الفائدة من التسجيل، ويقضي على نظام إشهار العقود. 
- لذلك قضت هذه المحاكم أخيرًا بعدم جواز إثبات سوء النية، وبنت قضاءها على أن القانون وضع دليلاً على العلم وهو التسجيل، فهو قرينة قانونية قاطعة لا يجوز إثبات عكسها أمام القضاء
présomption juris et jure. 
- راجع حكم محكمة النقض الطليانية الوارد بمجلة
Foro italiano 1911 - 1 - 1433 وراجع الأحكام الكثيرة التي يشير إليها الحكم المذكور. 
وراجع أهم أسباب هذا الحكم بمقال الأستاذ كاديمنوس بمجلة مصر الحديثة
L’Egypte Contemporaine سنة 1919 ص (388). 
وظاهر أنه لا يمكن الأخذ بهذا القضاء في عهد قانوننا المدني، ولكننا سنرى أن قانون التسجيل رقم (18) و (19) لسنة 1923 قد قضى قضاءً مطلقًا على نظرية سوء النية في العقود المنشئة للحقوق العينية العقارية، وأنه نص على أن التدليس مبطل لأرجحية التسجيل في العقود المؤيدة لهذه الحقوق، وبالنص على (التدليس) قد قضى الشارع على نظرية العلم بالبيع فيما يتعلق بهذه العقود.
وجوب ثبوت تاريخ عقد المشتري الأول رسميًا
قبل ثبوت تاريخ عقد المشتري الثاني للاحتجاج بسوء النية
شرط احتجاج المشتري الأول بسوء نية المشتري الثاني أسبقية الأول على الثاني، فبأي طريق تثبت هذه الأسبقية؟ 
نصت المادة (142) مدني:
(لا يترتب على المشارطات ضرر لغير عاقديها، ولا يجوز التمسك بها على الغير إلا إذا كان تاريخها ثابتًا بوجه رسمي). 
ونصت المادة (228): 
(لكنها – أي المحررات غير الرسمية - لا تكون حجة على غير المتعاقدين إلا إذا كان تاريخها ثابتًا ثبوتًا رسميًا). 
ونصت المادة (229) على طرق إثبات التاريخ في المحررات العرفية. 
وهنا يجب البحث في أمرين: 
1 - هل يعتبر المشتري (غيرًا)
tiers بالمعنى المقصود من المادتين (142) و (288) - أولاً. 
2 - هل علم المشتري بالبيع السابق يقوم مقام التاريخ الثابت - أولاً. 
عن الأول:
جاء بشرح دللوز على المادة (1328) (المقابلة للمادة (228) أهلي) جزء (3) ص (436) ما يأتي فقرة (207).
(المشترون في طليعة الخلفاء بسبب خاص الذين يعتبرون (غيرًا) ولهم حق التمسك بالمادة (1328) طبقًا لأقوال الشراح التي بيناها في الفقرة (147) إلى الفقرة (168).
فقرة (208):
يعتبر المشتري (غيرًا) بالمعنى الوارد بالمادة (1328) إزاء من تلقى قبله من المالك نفسه حقوقًا تتناقض وتتعارض مع حقوق المشتري.
فقرة (209): 
(القضاء مجمع على عدم اعتبار مشتري العقار خلفًا للبائع، اللهم إلا في الحقوق التي تصرف فيها البائع قبل البيع، وعلى ذلك إذا قام نزاع بشأن تاريخ عقد عرفي صادر من البائع نفسه لشخص ثالث، وكان هذا العقد يتعارض مع عقد المشتري، أصبح الأخير (غيرًا) بالمعنى المقصود من المادة (1328)، فله الاحتماء بأحكام هذه المادة من خطر تقديم التاريخ). 
فقرة (210):
(لا محل للتفرقة بين أنوع الحقوق التي اشتمل عليها العقد العرفي الخالي من التاريخ الثابت، فمهما تنوعت طبيعة هذه الحقوق فلا يجوز الاحتجاج بها على المشتري لتضييق أو تغيير أو إبدال الحقوق التي آلت إليه بموجب عقده الثابت التاريخ)
عن الثاني:
من المقرر أيضًا، أن علم المشتري الثاني بالبيع السابق لا يقوم مقام التاريخ الثابت، فلا يمنع علمه هذا من الاحتجاج بعدم ثبوت تاريخ عقد البيع. 
لأن المادة (229) مدني ذكرت على سبيل الحصر الطرق التي يثبت بها تاريخ الأوراق العرفية، وليس ثبوت علم المشتري إحدى هذه الطرق. 
- راجع لارومبيير، شرح المادة (1328) ص (441) فقرة (39). 
وأوبرى ورو - الطبعة الثالثة - جزء (6) فقرة (408). 
دللوز - الموسوعات - جزء (33) - الالتزامات - فقرة (3885) - (3887) – (3949) - والتكملة.
جزء (11) - الالتزامات - فقرة (1597) ص (385) – و (1598) ص (386).
وهذا نص الفقرة (3885):
(فإذا لم يكن العقد ثابت التاريخ طبقًا للمادة (1328) - فهلا يكون هذا العقد حجة على المشتري الذي له مصلحة في الطعن في تاريخه، إذا كان هذا المشتري يعلم بالبيع، ويعلم تبعًا بتاريخ صدوره؟
قضت المحاكم بوجه عام بالنفي.
راجع لارومبيير، مادة (1328) فقرة (39) ص (441). 
فقضت:
1 - بأن العلم بالبيع لا يقوم مقام إثبات التاريخ:
جرنوبل 9 مايو سنة 1833 بو 18 فبراير سنة 1857 - مجلة داللوز الدورية 58 - 1 - 243
2 - بأنه لا يحتج على الدائن المرتهن بالبيع الصادر من مدينه قبل الرهن إذا لم يكن ثابت التاريخ ولو ثبت علم الدائن بالبيع.
3 - (راجع ترجمتها فيما بعد).
4 - بأنه لا يحتج على الغير بعقد البيع غير الثابت التاريخ طبقًا لنص المادة (1328) - وعلى ذلك فلا يحتج على الراسي عليه مزاد عقار بالبيع السابق صدوره بعقد عرفي غير ثابت التاريخ ولو ادعى المشتري علم الراسي عليه المزاد بالبيع.
نيم في 27 مايو سنة 1840.
الفقرة (3887):
(مما تقدم يتبين أن صحة تاريخ العقد العرفي، ما لم تثبت بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة (1328)، فلا يجوز إثباتها قبل الغير لا بالبينة ولا بقرائن الأحوال)
- راجع بهذا المعنى أوبرى ورو - الطبعة الثالثة، جزء (6) ص (408). 
وقد قضى وفقًا بعدم جواز إثبات صحة تاريخ عقد قسمة عرفي قبل الغير بالبينة بروكسل في 21 أغسطس 1810 - راجع فقرة (2989).
الفقرة (3949): 
(للمشتري باعتباره (غيرًا) الاحتجاج بخلو العقد الصادر من البائع من التاريخ الثابت إذا كان العقد عرفيًا ولو ادعى بعلم المشتري بهذا العقد).
وقد عرضت هذه المسألة على المحاكم مررًا وقد قضت دائمًا بهذا المعنى. 
وإذا كان العقد الخالي من التاريخ الثابت ليس حجة على صاحب العقد ذي التاريخ الثابت وإذا كان علم المشتري الثاني بالبيع السابق لا يمنعه من الاحتجاج بعقده الثابت التاريخ.
فلا تقبل دعوى المشتري الأول سقوط حق المشتري الثاني في التمسك بتسجيله بدعوى العلم بالبيع، أو سوء النية، أو التدليس، لأنه مع فرض سقوط حقه في التمسك بالتسجيل، يبقى عقده الثابت التاريخ مرجحًا على عقد المشتري السابق الخالي من التاريخ الثابت.
وقد جاء في كتاب دوهلتس - شرح القانون المدني - جزء (4) باب البيع ص (474)
(If faut ajouter que, pour que le titre non transcrit puisse l’emporter sur le titre transerit de l’acquereur de mauvaise foi’ il est tout au monis necessaire qu’il ait acquis date certaine avant l’autre)
وترجمته:
(ويقتضي هنا أن نضيف أنه لترجيع العقد غير المسجل على عقد المشتري سيئ النية المسجل يجب على الأقل أن يكون العقد الأول ثابت التاريخ قبل العقد الثاني).
- راجع بهذا المعنى أيضًا الأستاذ نجيب بك الهلالي (في البيع) ص (287) فقرة (456). 
وجاء بمسوغات دللوز - جزء (33) - الالتزامات - فقرة (3885) تحت (ثالثًا)
(أن ظرف علم المشتري بعقد رسمي بسبق بيع العقار بعقد عرفي غير ثابت التاريخ قبل العقد الرسمي لا يجعله مدلسًا.
وعلى ذلك فطلب إثبات علمه بالبيع يصبح طلبًا كيديًا لعدم جواز إثبات صحة تاريخ العقد العرفي بغير الطرق التي نص عليها القانون ولأن مآل ذلك إثبات البيوع العقارية قبل الغير بغير عقود). 
(ب) حكم القانون الجديد في مسألة سوء النية:
قسم القانون رقم (18) و (19) لسنة 1923 العقود والأحكام إلى قسمين أساسيين: 
ففي المادة الأولى نص على العقود والأحكام المنشئة للحقوق العينية العقارية، سواء كانت منشئة لها أو ناقلة أو مغيرة أو مزيلة (
Constitutifs de droits réels immobiers) 
وفي المادة الثانية نص القانون على العقود والأحكام المؤيدة للحقوق (
déclaratifs) والحق بها عقود الإيجار والمخالصات عن الأجرة المدفوعة.
وقد أعطى القانون لكل من هذين القسمين حكمًا خاصًا. 
ففي المادة الأولى نص على أن الملكية لا تنتقل بين العاقدين إلا بالتسجيل.
وفي المادة الثانية نص على أن الملكية لا تنتقل بالنسبة للغير إلا بالتسجيل، فقضى بانتقالها بين العاقدين بمجرد العقد. 
وفي المادة الأولى لم يجعل الشارع حسن النية شرطًا للتمسك بالتسجيل. 
في المادة الثانية نص صراحة على أن العقود والأحكام المؤيدة للحقوق لا تكون حجة على الغير ولو كانت مسجلة لو داخلها التدليس. 
نرى من ذلك أن القانون الجديد تعمد القضاء على نظرية سوء النية فيما يتعلق بالعقود والأحكام المنشئة للحقوق، وأنه أبقى هذه النظرية بالنسبة للعقود والأحكام المؤيدة للحقوق، ولكنه أراد القضاء على مختلف المذاهب في تفسير سوء النية، فلم ينص على العلم، أو على سوء النية، ونص صراحة على (التدليس) أي أنه أخذ بنظرية المحاكم الفرنسية في هذا الموضوع وأدلتنا على ذلك: 
1 - أن القانون لم يشترط في المادة الأولى حسن النية شرطًا للتمسك بالتسجيل في العقود والأحكام المنشئة للحقوق، بينما قد اشترط ذلك في المادة الثانية في العقود والأحكام المؤيدة للحقوق. 
ولا يمكن أن يحمل إهمال هذا الشرط في المادة الأولى دون الثانية على الخطأ أو النسيان، لوجوب تنزيه الشارع عن ذلك، ما لم يقم الدليل عليه. 
2 - أن المذكرة الإيضاحية، التي قدمتها اللجنة التي شكلت لوضع هذا القانون، والتي أقرتها وزارة الحقانية، أشارت صراحة إلى تعمد الشارع القضاء على نظرية حسن النية وسوئها في العقود والأحكام المنشئة للحقوق. 
فقد جاء في هذه المذكرة: 
(ولهذا المبدأ (مبدأ عدم نقل الملكية بين العاقدين إلا بالتسجيل) من الوجهة العملية مزية كبرى تنحصر في حسم المنازعات العديدة... في الفصل في مسائل حسن النية وسوء النية).
(وعبثًا يحاول الإنسان أن يستند على قواعد العدالة وحسن نية المتعاقدين لإثبات عكس ذلك (أي لإثبات العلم بغير التسجيل) إذ يتحتم على من آل إليه الحق أن يقوم بالتسجيل حتى يكون الجمهور على علم من أيلولة هذا الحق إليه).
إذن جعل الشارع التسجيل، في المادة الأولى، قرينة قاطعة على العلم لا تقبل النفي
présomption juris et jure 
فإن كان العقد مسجلاً، كان هذا دليلاً قاطعًا على علم الغير به وإن لم يكن مسجلاً، كان هذا دليلاً قاطعًا على عدم علم الغير به.
وإذن قد أخذ الشارع المصري بنظرية محكمة النقض الطليانية كما قدمنا.
ولا يعترض علينا بأن القانون لم يلغ المادة (270) من القانون المدني التي نصت على شرط حسن النية، لأن المادة (16) من هذا القانون نصت صراحة على إلغاء جميع النصوص المخالفة لأحكامه، ولأن المادة الأولى نصت صراحة على أن (أحكامها تعتبر مقيدة للنصوص الخاصة بانتقال الملكية بمجرد الإيجاب والقبول بين المتعاقدين). 
يقول الأستاذ عبد السلام ذهني بك - وهو الوحيد من شراح القانون الجديد الذي خالفنا في هذه النظرية - (كيف نأخذ بما جاء بالمذكرة الإيضاحية مع أن الشارع أخذ بنظرية سوء النية في المادة الثانية). 
- راجع بحث الأستاذ بمجلة المحاماة سنة 6 ص (622) و (623). 
ولكن فات الأستاذ أن الشارع قد وضع لكل من المادتين الأوليين حكمًا خاصًا فيما يتعلق بنقل الملكية كما بيّنا وكما سنزيده بيانًا فيما يلي: 
3 - لأن قاعدة (عدم انتقال الملكية بين العاقدين إلا بالتسجيل)، تلك القاعدة التي هي أساس التشريع في القانون الجديد، تتعارض مع نظرية حسن النية وسوئها. 
(فإن إحدى مزايا هذه القاعدة - على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية - حسم المنازعات في مسائل حسن النية وسوء النية). 
وهذا صحيح: 
لأنه إذا كانت الملكية لا تنتقل بين العاقدين إلا بالتسجيل، فمعنى هذا أن البائع يظل إلى أن يحصل هذا التسجيل، مالكًا للعين المبيعة، له حق التصرف فيها على الأقل بالنسبة للغير. 
ولأن علم المشتري بالبيع السابق يصبح مقرونًا بعلمه بعدم تسجيل البيع، وبعدم انتقال الملكية إلى المشتري الأول، وبأحقية البائع في التصرف في العين بالنسبة للمشتري الثاني، وبمشروعية ذلك بحكم القانون - وإذن لا محل لافتراض سوء النية. 
أو بعبارة أخرى فإنه مع عدم انتقال الملكية في البيع الأول، لم يعد هناك تزاحم بين شخصين، يدعي كل منهما حقًا عينيًا على العقار، كما يقول نجيب بك الهلالي في أحكام البيع ص (297) - فقرة (469). 
يرد على ذلك الأستاذ ذهني بك بأن للمشتري الأول، وإن لم يسجل عقده، حقًا شخصيًا على بائعه بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة الأولى، فله عليه حق التعويض، والتعويض يكون بأحد أمرين: أما التعويض النقدي أو التعويض العيني باختيار المشتري. 
نعم، ولكن هذا الخيار يسقط باستحالة تنفيذ التعويض العيني بتعلق حق المشتري الجديد بالعين.
لم يعد للمدعي، في نظر بعض الشراح، وقد أصبح صاحب حق شخصي لا عقاري، إلا أن يرفع الدعوى البولصية، إذا توفرت شروطها، لأنه أصبح دائنًا عاديًا، أما المطالبة بالعين فقد سقط حقه فيها لتعلق حق المشتري بها. 
- راجع نجيب بك الهلالي ص (298) – (469). 
ومع ذلك فمحكمة النقض الطليانية تحرم المدعي حتى من الدعوى البولصية. 
- راجع هامش الصحيفة المذكورة.
وأما قول الأستاذ ذهني بك بأن القانون لا يحمي سوء النية بأي وجه من الوجوه، فردنا عليه بأن الشارع قصد القضاء على نظرية سوء النية للمصلحة العامة تأمينًا للمعاملات العقارية، ولأن المضار التي تنشأ عن سوء نية المشتري في جزئيات القضايا أقل بكثير من المضار التي تنشأ عن عدم احترام قاعدة التسجيل في المعاملات عامة. 
ومع ذلك فباب الدعوى البولصية أمام المدعي.
ونلاحظ هنا أن تفسير محكمتي الاستئناف المختلطة والأهلية لماهية العقود غير المسجلة في القانون الجديد، ولمعنى (الالتزامات الشخصية) لا يؤثر في موضوعنا. 
قالت المحكمة الأولى في حكمها الصادر في 16 ديسمبر 1926 – المحاماة 8 ص (238) – (أن حق المشتري غير المسجل عقده شخصي لا عيني، ولكنه حق يتعلق بالعقار
jus ad rem، بمعنى أنه يعطي المشتري حق مطالبة البائع باستيفاء الإجراءات الموصلة إلى نقل الملكية).
وقالت محكمة الاستئناف الأهلية في حكمها الصادر من دوائرها المجتمعة في 3 ديسمبر سنة 1927 - المحاماة 8 ص (298) – (أن العقد غير المسجل ليس باطلاً ولا معدوم الأثر، ولكنه من العقود المعلق فيها نقل الملكية على شرط، فهو صحيح، وإذن من حق المشتري غير المسجل عقده أن يرفع الدعوى على بائعه لمطالبته بنقل ملكية العين). 
نؤمن بهذا القضاء ولا نرى فيه أي تعارض مع نظريتنا. 
لأن قانون التسجيل قد احتاط لهذه الحالة، فنص في المادة (7) على وجوب تسجيل عريضة الدعوى لتكون حجة على الغير، ونص في المادة (12) على أن الحقوق المكتسبة قبل هذا التسجيل تبقى خاضعة للنصوص والمبادئ السارية وقت اكتسابها. 
فإذا كان الحق قد اكتسب في عهد القانون المدني خضع لقاعدة حسن النية وسوئها، وإن كان قد اكتسب في عهد القانون الجديد خضع لقاعدة القرينة القاطعة. 
وإذن فتعلق حق المشتري السابق بالعقار - على نظرية المحكمة المختلطة - لا يؤثر في حق المشتري الثاني المسجل عقده قبل تسجيل عريضة دعوى المشتري الأول، وإن كان المشتري الثاني قد سجل عقده في عهد القانون القديم، جاز مناقشته في حسن النية وسوئها، أما إذا كان تسجيله في عهد القانون الجديد - وهي حالتنا - فهو حجة قاطعة على المشتري الأول لا تقبل المناقشة. 
وكذلك كون العقد غير المسجل من العقود الصحيحة المعلقة على شرط - على نظرية المحكمة الأهلية - فهذا لا يؤثر في حق المشتري الثاني المسجل عقده.
لأن بشراء المشتري الثاني وتسجيل عقده امتنع الوفاء قبل وقوع الشرط - وهنا الشرط تسجيل عقد المشتري الأول - فلا يكون للشرط تأثير عند وقوعه (مادة (106) مدني). 
ولأن أثر الشرط لا يرجع إلا إلى تاريخ تسجيل عريضة الدعوى بالنسبة للمشتري الثاني طبقًا لنص المادة (7) المذكورة، ولا تقبل من المشتري الأول المناقشة في حسن نية المشتري الثاني إذا سجل الأخير عقده في عهد القانون الجديد طبقًا لنص المادة (12). 
وبمراجعة الحكم الصادر من محكمة استئناف مصر في 22 مايو سنة 1927، المنشور بمجلة المحاماة سنة 8 ص (308)، يتبين بوضوح اختلاف موضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم المشار إليه عن موضوعنا. 
ففي تلك الدعوى كانت (كوهية) هي التي تطلب تثبيت ملكيتها لما باعت بحجة عدم تسجيل عقد المشترين، وكانت بنتها (حميدة) التي اشترت منها وسجلت، تطلب تثبيت ملكية والدتها لا ملكيتها هي باعتبارها مشترية، وكانت (حميدة) هذه طرفًا في العقدين العقد غير المسجل والعقد المسجل.
فلم يكن معروضًا على المحكمة الفصل أصليًا في أرجحية أحد العقدين على الآخر، ولم يكن معروضًا على المحكمة على كل حال بحث موضوعنا بحثًا مستفيضًا لتقرير نظرية سوء النية في عهد القانون الجديد. 
4 - لأنه لا يجوز قياس حكم العقود والأحكام المنشئة للحقوق على حكم العقود والأحكام المؤيدة لها التي ورد عليها شرط عدم التدليس، كما ذهب الأستاذ ذهني بك (ص (620)). 
( أ ) لأنه بمقارنة المادتين الأولى والثانية نجد أن الشارع نص فيهما على حالتين مختلفتين وجعل لهما حكمين متعارضين.
فالمادة الأولى كما قدمنا تشمل العقود والأحكام المنشئة للحقوق، بينما الثانية تشمل العقود والأحكام المؤيدة للحقوق. 
والمادة الأولى نصت على أنه يترتب على عدم التسجيل عدم نقل الملكية بين العاقدين، بينما نصت المادة الثانية على أنه يترتب على عدم التسجيل عدم نقل الملكية بالنسبة للغير.
(ب) ولما كانت نظرية سوء النية تتعارض مع مبدأ عدم الملكية بين العاقدين كما رأينا، أو كان (لهذا المبدأ مزية كبرى في حسم المنازعات العديدة في الفصل في مسائل حسن النية وسوء النية) كما قالت المذكرة الإيضاحية، كان لا بد من إهمال النص على شرط حسن النية في المادة الأولى بالنسبة للعقود المنشئة للحقوق. 
(جـ) ولما كانت العقود والأحكام المؤيدة للحقوق حجة على العاقدين بمجرد صدورها ودون حاجة إلى التسجيل، أي ناقلة للملكية بينهما بحكم المادة الثانية، كان من المتعين أن يكون لها حكم يختلف عن حكم العقود والأحكام المنشئة للحقوق في القانون الجديد، وهذا الحكم هو حكم العقود المنشئة للحقوق في عهد القانون القديم.
إلا أن الشارع رأى النص في المادة الثانية من قانون التسجيل على (التدليس) للقضاء على الخطأ الذي وقع فيه بعض الأحكام بتفسير سوء النية بمجرد العلم بالبيع كما رأينا. 
(د) يدلنا على اختلاف حكم المادتين الأولى والثانية ما ورد بالمذكرة الإيضاحية. 
جاء في هذه المذكرة تحت رقم (3) 
(ومن المتعين التفريق بين العقود والأحكام المقررة (المؤيدة) للحقوق وبين العقود الأخرى، ونظرًا لما ينشأ من عدم تسجيل العقود والأحكام في الحالتين من النتائج المختلفة كما سنبين بعد). 
وجاء تحت رقم (5): 
(وهناك عقود وأحكام لا يمكن اعتبارها كأن لم تكن لمجرد عدم تسجيلها، فالأحكام المقررة لحقوق الطرفين والعقود التي من هذا القبيل يجوز اشتراط تسجيلها، حتى يعلم بها الغير مع النص على أنها لا تكون حجة على هذا الغير إذا لم تسجل). 
(إلا أنه لا يمكن تجريد هذه الأحكام من قيمتها الجوهرية وهي الإقرار الصريح بحق سابق الوجود). 
(وهذا الاختلاف في النوع الذي ينجم عنه الاختلاف في الأثر المترتب على تسجيل هذا أو ذاك النوع من العقود والأحكام يبرر وضع مادتين مختلفتين). 
إذن فالقياس غير صحيح.
5 - الفقه في مصر: 
لم نكن في حاجة إلى الاستناد إلى فقه الشراح في هذا الموضوع لأن المذكرة الإيضاحية قد أغنتنا عن ذلك.
إلا أن قول الأستاذ ذهني بك بأن الفقه في مصر قد أيد رأيه دعانا إلى مناقشته. 
قال الأستاذ بأن حضرتي نجيب بك الهلالي وأحمد بك أمين يخالفانه في الرأي، وهذا صحيح. 
وقال أن الأستاذ كاديمنوس والمستشار برناردي، واضع مشروع قانون التسجيل الجديد، يؤيدان رأيه، وهذا غير صحيح. 
قال الأستاذ نجيب بك الهلالي، في أحكام البيع ص (297). 
(469/ ثانيًا: فيما يتعلق بتنازع المشتري الأول الذي لم يسجل مع المشتري الثاني الذي سجل، واشتراط حسن النية في المشتري الثاني). 
(لا نزاع الآن في أن دائرة هذا الجدل قد أصبحت محدودة، لأن النزاع القديم كان أساسه أن شخصين يتلقيان الملك عن مالك واحد ويراد معرفة الأولى منهما بالتفضيل، أما الآن فالمشتري الأول غير المسجل لا يعتبر أنه قد تلقى الملك عن البائع، وهو لا يخرج عن كونه دائنًا عاديًا ولا يحق له التنازع مع المشتري الثاني على الملكية، وقد نص قانون التسجيل الجديد على أن (العقود غير المسجلة لا يكون لها من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين المتعاقدين)، ويلزم من ذلك أن المشتري غير المسجل لا يكون له من الحقوق أكثر مما لسائر الدائنين العاديين، ولذلك لا يحق له أن يطعن في العقد الصادر من مدينه إلا بدعوى إبطال التصرفات على شرط توافر شروطها، ومنها أن يكون تصرف المدين قد ترتب عليه إعساره أو زاد في إعساره، أما إذا لم يترتب على البيع الثاني إعسار المدين فلا تقبل الدعوى البولصية من المشتري الأول، ولا يبقى له سوى مطالبة البائع برد الثمن والتعويض، وينبني على ذلك أن المشتري الأول لا يجوز له الطعن في العقد المسجل، ولو صدر عن تواطؤ بين البائع والمشتري الثاني إلا إذا تحققت شروط الدعوى البولصية). 
وقال الأستاذ أحمد بك أمين، شرحًا على المادة (293) عقوبات (شرح قانون العقوبات القسم الخاص) ص (739). 
(ولا دخل لحسن النية وسوئها فيما يتعلق بعلاقة البائع بالمشتريين الأول والثاني في هذه الحالة. 
كما أن حسن نية المشتري الثاني وسوءها وقت الشراء لا يغير وجه المسألة في شيء قط، لأن انتقال الملكية أصبح بحكم القانون الجديد مرتبطًا بالتسجيل وبالتسجيل وحده، ولا تكون الأسبقية بناءً على ذلك إلا لمن انتقلت إليه الملكية فعلاً).
أما الأستاذ كاديمنوس الذي يستند إلى رأيه الأستاذ ذهني بك، فلم يقل شيئًا في موضوعنا، وإن كان قد قال شيئًا فقد رجا أن يأخذ الشارع المصري بمذهب محكمة النقض الطليانية، وقد أجيب رجاؤه بصدور قانون التسجيل الجديد. 
راجعنا مقال الأستاذ كاديمنوس الذي يشير إليه ذهني بك والمنشور بمجلة مصر الحديثة سنة 1918 ص (522) فوجدناه لم يتعرض فيه لموضوعنا. 
ثم راجعنا مقاله المنشور في سنة 1919 ص (388) فوجدنا البحث فيه قاصرًا على تأثير سوء النية في التسجيل في عهد التشريع القديم. 
(وما كان في وسع الأستاذ كاديمنوس طبعًا أن يشرح قانونًا أعد مشروعه بعد مقاله بسنتين ولم يصدر إلا بعده بأربع سنوات).
بل وجدنا الأستاذ يشرح نظرية محكمة النقض الطليانية، التي كان لها أثر ظاهر في التشريع الجديد، راجيًا أن يسير قضاؤنا عليها، قائلاً باستحالة ذلك في عهد التشريع القديم، (المادة (341) مختلط المقابلة للمادة (270) أهلي). 
وهذه عبارته:
Nous serions heureux de voir adopter une pareille jurisprudenee, mais ce voen est impossible par ce qu’il est contraire au texte de l’art. 341
- راجع ص (393) و (409). 
وقد قدمنا أن القانون الجديد قد ألغى المادة (270) ضمن الأحكام التي ألغيت جملة بالمادة (16) من القانون.
وأما المستشار برناردى، فهو من جهة ليس واضع مشروع القانون الجديد، كما ذهب الأستاذ ذهني بك، لأنه إنما جلس بلجنة الامتيازات في كرسي المستشار بيولا كازللي أثناء غيابه بالإجازة - راجع مقال المستشار برناردى بمجلة مصر الحديثة سنة 1922 ص (174) – ولأن واضع المشروع هو المستشار بيولا كازللى - راجع ص (175) – ولأن اللجنة التي أقرت المشروع ابتدائيًا في سنة 1918 هي لجنة داوسن
Dawson – راجع ص (175) – واللجنة التي أقرت المشروع نهائيًا هي لجنة معالي عبد الفتاح باشا يحيى - راجع مقال المستشار واتليه Wathelet بالمجلة المذكورة ص (328). 
ولم يكن المستشار برناردى عضوًا في إحدى اللجنتين.
ومن جهة أخرى فإن المستشار المذكور لم يقل ما يشير إليه الأستاذ ذهني بك شرحًا لقانون التسجيل، وإنما كان المستشار برناردى يقترح من جانبه تعديلاً لنصوص القانون المدني، إذا ما رئُى عدم الأخذ في التشريع الجديد بمبدأ عدم انتقال الملكية بين العاقدين إلا بالتسجيل. 
- راجع الصحيفتين (200) و (201) من مقاله المشار إليه. 
وقد رأينا أن القانون قد صدر بعد ذلك بمبدئه الأساسي ولم يعمل باقتراح المستشار برناردى. 
ننتهي من ذلك بأن القانون الجديد قد قضى على نظرية حسن النية وسوئها، لأنه جعل تسجيل العقد المنشئ للحق شرطًا أساسيًا لانتقال الملكية بين العاقدين، وبذلك لم يعد هناك في الواقع إلا عقد واحد ناقل للملكية وليس هناك تزاحم بين عقدين.
5 - قانون التسجيل والتقادم الخمسي
نعلم أن التملك بمضي المدة الطويلة هو الغصب بذاته، شرع سواء لاستقرار الملكية لواضع اليد على العقار، أو لمعاقبة المالك الذي أهمل وضع يده عليه.
أما التملك بمضي المدة القصيرة، فهو شيء بين الغصب والحق، شرع لحماية صاحب اليد على العقار حسن النية إذا تلقى الملكية من غير صاحبها.
ولقد نصت المادة 76/ 102 على تملك العقار والحقوق العينية بمضي المدة وجعلت السبب الصحيح شرطًا للتملك بالمدة القصيرة، ولكنها لم تنص على شرط حسن النية، أي الاعتقاد وقت التعاقد بتلقي الحق من صاحبه، على أن هذا الشرط مستفاد من المبادئ العامة ومن حكمة التشريع في موضوعنا خاصة، لأن المادة 76/ 102 إنما وضعت لحماية حسن النية.
وقد نص القانون الفرنسي صراحة في المادة (2265) على شرط حسن النية، وفي المادة (2268) على أن حسن النية مفروض، وأن على من يدعي سوء النية إثباته، ثم نص في المادة (2269) على أنه يكفي توفر حسن النية وقت تلقي الحق. 
وهذه النصوص وإن لم ترد في القانون المصري إلا أن العمل قد جرى بها. 
بعد هذا البيان نبحث في (أثر قانون التسجيل في التقادم الخمسي) وهو موضوع قد بحثه قبلنا الأستاذان عبد السلام بك ذهني وحامد بك فهمي. 
قال الأستاذ ذهني بك أن العقد الباطل بطلانًا نسبيًا يعتبر سببًا صحيحًا، كالبيع من القاصر، لأن البطلان نسبي أي لا يصح الاحتجاج به من سواه، فيجوز الاحتجاج به على المالك. 
أما إذا كان البطلان أصليًا، كالهبة بعقد عرفي، فلا يعتبر العقد سببًا صحيحًا لأنه لا ينقل الملكية.
وما دام العقد غير المسجل لا ينقل الملكية بين العاقدين بحكم قانون التسجيل، فلا يصلح هذا العقد أساسًا للتقادم الخمسي.
(المحاماة س 6 ص(607)).
وقد خالف الأستاذ حامد بك الأستاذ ذهني بك في رأيه، وقال بأن العقد غير المسجل يعتبر سببًا صحيحًا ويصلح أساسًا للتقادم الخمسي (المحاماة س 7 ص (97)) - وقد بنى الأستاذ حامد بك رأيه على الأسباب الآتية: 
1 - لأن محل البحث فرضًا أن الحق قد آل لواضع اليد من غير مالك، وأن التزاحم قائم هنا بين واضع اليد والمالك الحقيقي، والأول يتمسك بسنده ويده والثاني بأصل ملكيته، فيراد معرفة ما إذا كان للأخير أن يحتج بعدم تسجيل عقد الأول للوصول إلى عدم اعتباره سببًا صحيحًا. 
2 - ولأن الغرض من التسجيل إشهار التصرف ليصبح حجة على الغير، أي عند ما يكون التزاحم قائمًا بين شخصين تلقيا الحق عن مالك واحد، وليس الغرض من التسجيل إعلان المالك نفسه بالاعتداء على حقه، لأن خروج العين من يده وتركه إياها تحت يد الغير كافيان لإعلامه وإنذاره. 
وقد استند الأستاذ حامد بك في السببين المذكورين إلى الفقه والقضاء في فرنسا وفي مصر - انظر المراجع الواردة بمقالة ص (100) و (101). 
3 - ولأن أحكام قانون التسجيل قاصرة على انتقال الملكية، ولم تلغَ المادة (76) مدني. 
ورد الأستاذ ذهني بك على زميله ردًا مطولاً لا يخرج عما قاله في مقاله السابق (المحاماة س 7 ص (535)). 
ولا ينتظر أن تعرض المسألة على القضاء قبل سنة 1929 لترجيح أحد الرأيين على الآخر. 
ونظن أن الرأي الأول، رأي الأستاذ حامد بك، أقرب إلى الصواب للأسباب الآتية: 
1 - لأنه لا يشترط في السبب الصحيح أن يكون هناك عقد كتابي إذا جاز إثبات الحق بالبينة، ولأن السبب الصحيح هو الارتباط القانوني، وهذا الارتباط شيء والعقد الذي يثبته شيء آخر (بودرى جزء (25) ص (502) فقرة (655) – و ص (514) فقرة (671) - و ص (517) فقرة (697)). 
2 - ولأن لا نزاع بين الأستاذين في أن التسجيل لم يكن شرطًا للسبب الصحيح في عهد القانون المدني في مصر، ولا في عهد قانون سنة 1855 في فرنسا، للأسباب التي ذكرها الأستاذ حامد بك.
والفارق في رأي الأستاذ ذهني بك، بين القانون المدني وقانون التسجيل، أن الأخير نص على عدم نقل الملكية بين العاقدين، عند عدم التسجيل، فالعقد غير المسجل باطل بطلانًا أصليًا، على الأقل فيما يتعلق بنقل الملكية، وعلى ذلك، وتطبيقًا لنظرية البطلان التي أخذ بها شراح القانون الفرنسي، بنى الأستاذ ذهني بك نظريته بعدم اعتبار العقد غير المسجل سببًا صحيحًا يصلح أساسًا للتملك بالمدة القصيرة. 
ونرى أن نقل الملكية ليس شرطًا في السبب الصحيح ولو أنه يشترط فيه أن لا يكون العقد باطلاً بطلانًا أصليًا، لأن الفرض أن العقد صادر من غير مالك فهو غير ناقل للملكية على كل حال، ولأن نقل الملكية في الواقع لا يحصل طبقًا لنص المادة 76/ 102 بالعقد وإنما بوضع اليد ذاته خمس سنوات. 
3 - ولأن الأستاذ ذهني بك والقضاء المصري ذهبا إلى أن العقد غير المسجل، وإن لم ينقل الملكية، إلا أنه يجعل للمشتري حقًا متعلقًا بالعقار
Jus ad rem يحيز له استيفاء إجراءات التسجيل، كما يعطيه حق استلام العقار والانتفاع به، وأن هذا الحق لا يمكن أن يصطدم إلا بحق الغير إذا تلقاه عن المالك وحفظه بالتسجيل. 
كما أن الأستاذ ذهني بك والقضاء المصري اتفقا على أن نقل الملكية ليس ركنًا من أركان البيع ولكنه أثر من آثاره. 
4 - وأخيرًا لأن محكمة الاستئناف الأهلية قضت بحكمها المشار إليه الصادر من دوائرها المجتمعة في 3 ديسمبر سنة 1927 بأن العقد غير المسجل يعتبر صحيحًا ولكن انتقال الملكية معلق فيه على شرط موقف، وهو حصول التسجيل، ولا خلاف في أن أثر تحقق هذا الشرط يرجع إلى وقت التعاقد (وهنا نقل الملكية هو المعلق على شرط، لا الحق ذاته، فلا محل للالتباس). 
ومن ذلك يتبين أن نقل الملكية ليس شرطًا في السبب الصحيح، وأن العقد غير المسجل يوصل صاحبه إلى نقل الملكية، ولا يمنعه على كل حال من استلام العين، وأنه إذا ما سجل عقده رجع أثره إلى تاريخ العقد، وإذًا لا محل للأخذ برأي الأستاذ ذهني بك. 
كل ما يطلب في العقد أن يكون بطبيعته منشئًا للحق، وإن لم يكن ناقلاً للملكية فعلاً لأن العقود والأحكام المؤيدة للحقوق لا تعتبر أسبابًا صحيحة ولا تصلح أساسًا للتملك بالمدة القصيرة - راجع بودرى ص (505) فقرة (659) وما بعدها.
وأن يكون العقد ثابت التاريخ ليكون حجة على المالك الحقيقي طبقًا للمادتين 142/ 203 و 228/ 293 من القانون المدني.
- راجع بودرى ص (518) فقرة (677). 
رأينا أثر قانون التسجيل في السبب الصحيح. 
فهل لعدم التسجيل أثر في نية صاحب اليد على العقار؟ أو بعبارة أخرى هو يعلم أن قانون التسجيل نص على أن انتقال الملكية بين العاقدين منوط بالتسجيل، وبالرغم من ذلك لم يسجل عقده. 
يقول لوران (جزء (32) نوتة (412)) (إذا كان البائع لا يملك التصرف في العين المبيعة لو كانت ملكًا له، وكان المشتري يعلم ذلك، فلا يمكن أن يقال بحسن نية الأخير، لأن حسن نية المشتري تستلزم اعتقاده بملكية البائع وبأحقيته في التصرف في العين المبيعة). 
ويخالف بودرى زميله في الرأي (ص (524) فقرة (682)) قائلاً. 
(أن حسن النية ينحصر في الاعتقاد بملكية البائع لا غير، ولا شأن له بعيوب العقد، لأن هذه العيوب إنما تدخل في تقدير لعقد نفسه باعتباره سببًا صحيحًا أو غير صحيح، وإذا كان العلم بعيوب العقد يؤثر في نية صاحب اليد، فلا ندري كيف أجيز له تملك العين بالمدة القصيرة إذا كان عقده معلقًا على شرط فاسخ). 
وظاهر أنه، حتى على الرأي الأول، لا أثر لعدم التسجيل في نية صاحب اليد على العقار، طالما قد قررنا أن لا علاقة للتسجيل بصحة العقد في ذاته، وأن العقد غير المسجل يعطي صاحبه حق استلام العين ووضع يده عليها، كما يعطيه حق استيفاء الإجراءات الموصلة للتسجيل أي إلى نقل الملكية.
ومن النتائج العملية لرأي الأستاذ ذهني بك بوجوب تسجيل العقد لاعتباره سببًا صحيحًا، أن ينعدم التملك بالمدة القصيرة عند العمل بنظام السجلات العقارية، لأن هذا النظام يمنع من تسجيل العقود الصادرة من غير المالك الحقيقي. 
وتلك لم تكن نية، الشارع من قانون التسجيل، لأنه لم ينص على إلغاء المادة 76/ 102 كما رأينا.
6 - تزاحم حقوق دائني البائع ودائني المشتري
قالت الدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف الأهلية في حكمها الصادر في 3 ديسمبر سنة 1927، عند الكلام على ماهية العقد غير المسجل، أن لدائني المشتري حق التنفيذ على العقار المبيع له بالرغم من عدم تسجيل عقده، لأن التسجيل بيد المشتري ولا يعقل أن يترك له الحق في تعطيل حقوق دائنيه بالامتناع عن التسجيل. 
ورأينا أن هذه المحكمة قررت كذلك أن البيع غير المسجل إنما هو بيع معلق على شرط موقف ويترتب على ذلك 
أن للمشتري ترتيب حق عيني على العين المبيعة قبل التسجيل، ولدائنيه الاختصاص بهذه العين قبل التسجيل أيضًا، كما لهم التنفيذ عليها وفاءً لديونهم. 
وأن أثر هذه الحقوق يرجع إلى تاريخ صدورها وليس إلى تاريخ التسجيل، إذا حصل هذا التسجيل رضاءً بمعرفة المشتري، أو البائع، أو ذوي المصلحة فيه إذا ما أتيح لهم ذلك، أو عند تسجيل حكم يقوم مقام العقد غير المسجل. 
أما إذا لم يحصل التسجيل أصلاً، فماذا يكون مركز أصحاب هذه الحقوق قبل المشتري، وقبل البائع، ثم قبل من تلقى حقًا عينيًا من الأخير؟ 
أما قبل المشتري الذي لم يسجل عقده، فإن الحقوق التي ترتبت على العين بفعله تصبح حجة عليه إذا كانت قد حفظت بالتسجيل، ويصبح لها من الأثر ما رأينا إذا لم تسجل، والحقوق التي ترتبت ضده تصبح حجة عليه كذلك لأن الفرض أنها حفظت بالتسجيل، ويصبح لدائنيه حق التنفيذ على العين بطريق البيع الجبري، ويصبح حكم مرسى المزاد حجة لصاحبه عليه. 
وأما قبل البائع، فلا يكون لهذه الحقوق من الأثر سوى ما لحقوق المشتري قبله من الأثر، ولو كانت تلك الحقوق محفوظة بالتسجيل، ذلك لأن قانون التسجيل قد ألغى المادة 619/ 746 التي نصت على الاكتفاء بتسجيل العقد الأخير عند تعدد عقود انتقال الملكية بين عدة ملاك متوالين. 
وأما قبل من تلقى حقًا عينيًا من البائع، ففيه تفصيل: فإذا كان هذا الحق لم يحفظ بالتسجيل، وكان الحق الآيل عن المشتري لم يحفظ أيضًا بالتسجيل، كانت الأرجحية لصاحب الحق الثابت التاريخ قبل ثبوت تاريخ الحق الآخر، وفي هذه الحالة يقوم ثبوت تاريخ عقد المشتري مقام ثبوت تاريخ عقد من تلقي الحق عنه. 
أما إذا كان عقد من تلقي الحق من البائع مسجلاً، فهو حجة على المشتري الذي لم يسجل عقده، وعلى من تلقى الحق عنه ولو كان عقد الأخير مسجلاً قبل تسجيل عقد الأول، لإلغاء المادة 619/ 746 المذكورة كما رأينا. 
وكذلك الحال إذا كان عقد من تلقي الحق عن البائع مسجلاً قبل تسجيل عقد المشتري. 
ورأينا أن لا أثر لحسن النية وسوئها في أرجحية التسجيل في العقود والأحكام المنشئة للحقوق.
7 - المادة 619/ 746 وقانون التسجيل
في عهد القانون المدني، تنتقل الملكية بين العاقدين بمجرد العقد، ولكنها لا تنتقل بين العاقدين بالنسبة للغير، إلا بالتسجيل. 
نقول (بين العاقدين بالنسبة للغير) أي عندما يراد الاحتجاج بالعقد على الغير، لأن محل البحث في الحالتين - أي عند التمسك بالعقد بين العاقدين أو إزاء الغير محل هذا البحث انتقال الملكية بين العاقدين، وليس انتقالها إلى الغير. 
وفي تطبيق هاتين القاعدتين، يصطدم الباحث بمبادئ التشريع وبأصول المنطق.
باع زيد لبكر عقارًا، ولم يسجل البيع، ثم باع زيد العقار نفسه لخالد، وسجل البيع الثاني، فماذا تكون نتيجة هذين التصرفين؟ 
يصبح خالد مالكًا للعقار دون بكر. 
ومع ذلك فأنت ترى أن البيع الصادر - من زيد لبكر قد نقل الملكية إلى الأخير، وهو بيع صحيح، لصدوره من البائع وهو لا يزال مالكًا للعين، ولأنه يعطي بكرًا حق مطالبة زيد برد الثمن وبالتعويض. 
وأنت ترى في الوقت نفسه، أنه بالرغم من زوال ملكية زيد، فإنه قد باع العقار لخالد، ولقد صح هذا البيع بالتسجيل بل وفضل على البيع السابق.
فبماذا نفسر حكم القانون في هذا الموضوع. 
لا شك أن تلك القوة، التي أعطاها القانون للتسجيل، إنما هدمت قواعد الملكية المقررة، وخالفت المنطق الصحيح، فلا يفسر حكم القانون إلا تلك الحكمة التي شرع من أجلها إشهار الحقوق العينية العقارية، تأمينًا للمعاملات العقارية التي هي أساس الثروة في جميع البلاد. 
فالمصلحة العامة فازت هنا على قواعد القانون، وفي سبيلها ضحيت النظريات الصحيحة والمنطق السليم.
وليست هذه أول مرة تضحي فيها جزئيات القضايا في سبيل المبادئ الأساسية، التي تدعو إليها المصلحة العامة، ففي جميع الأحوال التي أخضع فيها القانون المعاملات لحكم القرينة القاطعة
juris et jure، نجد أمثلة لهذه التضحية. 
1 - فإذا كان القانون قد نص على أن الأوراق العرفية لا تكون حجة على الغير إلا بإثبات تاريخها، فقد جعل هناك، بجانب العلم الحقيقي، علمًا اعتباريًا، فإذا كانت الورقة ثابتة التاريخ ولو لم يعلم بها الغير كان مفروضًا علمه بها، وأصبحت الورقة حجة عليه، وإن كانت غير ثابتة التاريخ ولو علم بها الغير، كان مفروضًا جهله إياها، وإذن ليست حجة عليه كما رأينا. 
2 - وإذا كان القانون قد شرع نظرية التقادم لتملك العين ولسقوط الحق، فلأنه جعل مضي المدة الطويلة قرينة قاطعة على الملكية على سقوط الحق، فيستطيع واضع اليد أن يقول لست مالكًا ولكنني اغتصبت العين بسوء نية فأصبحت مالكًا لها، ويستطيع المدين أن يقول لم أوفِ الدين ولكن ذمتي برأت منه. 
3 - وقد يكون الحكم الصادر في الدعوى خاطئًا، ويثبت خطأه بحكم ثانٍ، ومع ذلك يتمسك المحكوم له بقوة الشيء المحكوم فيه، فيقول لخصمه
res judicate pro veritate habetur. 
4 - ولقد رأينا مثلاً آخر، عند الكلام على نظرية سوء النية في قانون التسجيل، إذ قلنا بأن هذا القانون قد قضى على هذه النظرية في العقود المنشئة للحقوق، بأن جعل التسجيل شرطًا لنقل الملكية بين العاقدين، وقرينة قاطعة على العلم بالبيع، فلا يقبل الطعن بسوء نية المشتري المسجل عقده لإسقاط حقه في أرجحية تسجيله على صاحب العقد غير المسجل أو المسجل بعد تسجيله. 
بعدنا عن موضوع البحث. 
إذا كان لا بد من تسجيل المشتري، فهل لا بد من تسجيل عقود البائعين له، تجيبنا على ذلك المادة 619/ 746 (في حالة تعدد عقود انتقال الملكية بين عدة ملاك متوالين يكتفي بتسجيل العقد الأخير منها). 
ولقد جرى العمل عند تحرير عقد البيع في هذه الحالة، أن ينص فيه على العقود غير المسجلة حتى إذا ما سجل العقد أشر بمقتضاه ضد البائعين السابقين.
ولكن إذا لم ينص في العقد على العقود غير المسجلة، بقيت هذه التصرفات مجهولة من المشتري عند التعاقد. 
مثال ذلك: 
حضر إليك موكلك زيد يريد شراء عقار بكر، وعرض عليك أن تحرر له عقد البيع، بعد الاستيثاق من ملكية البائع، أحضر لك بكر عقد شرائه، وهو عقد مسجل. 
كل ما تستطيع أن تعمله للاستيثاق من ملكية بكر، أن تستخرج شهادة عقارية باسمه، للتحقيق من أن العين لم تخرج من ملكيته، وأن ليس هناك ديون سجلت عليها، فإذا كانت الشهادة سلبية، اطمأننت لملكية بكر، وحررت عقد البيع لموكلك زيد، ظانًا أنك بذلك قد ضمنت له ملكية العين. 
ولكنك قد أخطأت، فقد يتضح بعد ذلك أن بكرًا باع العقار لعمرو بعقد غير مسجل، وهذا باعه لخالد بعقد مسجل قبل تسجيل عقد موكلك، فمن أين كنت تعلم بهذه التصرفات. 
أنت تعرف بكرًا، ولكن الشهادة ضده كانت خالية من التصرفات، لأن العقد الصادر منه لخالد غير مسجل، وأنت للسبب نفسه لا تعرف خالدًا لتستخرج شهادة ضده، لقد قمت بالواجب ولكنك لم تضمن مصلحة موكلك زيد. 
فماذا يكون الحل لهذه المسألة، والمادة 619/ 746 تعفي صاحب الحق الأخير المسجل عقده من تسجيل عقود المالكين قبله، وتعطي عقده كل قوته القانونية. 
قال القضاء المختلط أولاً بأن العمدة في ذلك على التسجيل، فإذا باع شخص عقاره لمشترٍ لم يسجل عقده، ثم سجل دائن البائع اختصاصه على العين، جاز لهذا الدائن الاحتجاج بتسجيل اختصاصه على المشتري (استئناف 30 إبريل سنة 1895). 
وإذا كان تسجيل المشتري حاصلاً قبل تسجيل الرهن، ولكن بمحكمة غير التابع لها العقار، وقع التسجيل باطلاً، ورجح عليه تسجيل الرهن (17 إبريل سنة 1900). 
- راجع مقال الأستاذ كاديمبنوس بمجلة مصر الحديثة س 9 ص (509). 
ثم عاد القضاء المختلط فقال بأن العقد غير المسجل، الثابت التاريخ، الصادر من المالك مباشرة، حجة على من تلقى الحق عن المالك بعد البيع ولو سجل عقده. 
(14 يونيه سنة 1900 – 23 فبراير سنة 1905 – 22 نوفمبر سنة 1906 – كاديمنوس ص (509) و (510)). 
ويظهر من مراجعة هذه الأحكام أنها بنيت على خطأ في تعريف لفظ (الغير) في مادة التسجيل، فأخذت بمعناه في مادة إثبات التاريخ، فقد قالت هذه الأحكام بأن من تلقى حقًا على العين عن البائع بعد سبق تصرفه فيها، إنما يعتبر خليفة للبائع ولا يعتبر (غيرًا) إلا بالنسبة للتصرفات اللاحقة لعقده. 
مع أن (الغير) في مادة التسجيل، هو من تلقى عن المالك حقًا عينيًا يتعارض مع حق شخص آخر تلقاه عن المالك نفسه، سواء كان سابقًا له أو لاحقًا به. 
وظاهر أنه إذا أخذنا بنظرية هذه الأحكام، لوجب اعتبار المشتري الأول غيرًا بالنسبة للمشتري الثاني، بينما لا يكون الأخير غيرًا بالنسبة للأول، مع أن كلاً منهما (غير) بالنسبة للثاني بحكم القانون، والأرجحية بينهما للأسبق في التسجيل. 
قد يتفق هذا القضاء مع المنطق والعدالة، كما قدمنا، ولكنه غير قانوني لأنه هادم لقواعد التسجيل، التي وضعها الشارع لحماية التصرفات العقارية.
لذلك كان لا بد لمحكمة الاستئناف المختلطة، من الرجوع عنه إلى قضائها الأول، فحكمت بتفضيل حق دائن البائع المسجل اختصاصه على العين المبيعة قبل تسجيل عقد المشتري، كما قضت بأن دخول العين في ملكية الشخص لا يحتاج إلى تسجيل، بينما خروجها منها لا يكون إلا بالتسجيل، (23 مايو سنة 1912). 
وفي هذه القضية كانت البيوع متعددة وغير مسجلة، وقد أخذ الاختصاص على العين بعد خروجها من ملكية المدين بأربع سنوات، ولكن هذه البيوع لم تسجل، فلم تكن حجة على الدائن. 
- راجع بهذا المعنى الأحكام الواردة بالمقال المشار إليه في 26 نوفمبر سنة 1912 و 6 مايو سنة 1913 و 23 مارس سنة 1915. 
وهذا القضاء يتفق مع القانون، وإن لم يتفق مع العدالة، وتترتب عليه الصعوبات التي ذكرناها فماذا يكون الحل التشريع لإصلاح هذه الحالة؟
أجاب على ذلك الأستاذ كاديمنوس، بوجوب النص على أن الملكية لا تنتقل بين العاقدين إلا بالتسجيل. 
وقد رأينا أن قانون التسجيل قد نص على هذه القاعدة، وأنه علاوة على ذلك، قد ألغى صراحة المادة 619/ 746، فأصبح كل تصرف سابق واجب التسجيل، ليكون آخر هذه التصرفات حجة على الغير، وبذلك لن تخطئ الشهادة العقارية، ويمكن أن توفق بين المنطق والعدالة من جهة والقانون والمصلحة العامة من جهة أخرى. 
قال الأستاذ نجيب بك الهلالي (أحكام البيع ص (299) فقرة (471)). 
(وكذلك قضى قانون التسجيل الجديد على جميع المشاكل والمضار التي كانت تنشأ عن توالي البيع وتعدد البائعين (وقد بينا هذه المشاكل في البند (463)) وذلك لأن المشتري الذي لا يسجل عقده لا ينتقل إليه الملك، ويترتب على ذلك أنه لا ينتقل إلى من يشتري منه، وقد كان سبب المشاكل القديمة أن المحاكم كانت تتبع قاعدتين مختلفتين بالنسبة لاكتساب الملكية وزوالها، فتقضي بأن العقار يجوز أن يدخل في ملك الإنسان بلا تسجيل، ثم تقضي بأن خروجه من ملكه لا يكون إلا بالتسجيل، أما الآن فالعقار لا يملك إلا بالتسجيل، ولا تزول ملكيته إلا بالطريقة نفسها ولهذا نرى أنه لم يبقَ ثمت محل للمشاكل القديمة).
انتهينا من بحث المسائل التي قد تعرض في تطبيق قانون التسجيل، وقد بينا رأينا فيها مستندين إلى تفسير نصوص هذا القانون وتطبيقها على مبادئ القانون العامة والخاصة، وإلى مناقشة القضاء الذي تولوا بحث هذا القانون في مجلة (المحاماة) ثم إلى الأحكام القليلة التي صدرت في بعض القضايا التي نشأت عن تطبيق القانون، ولم نستطيع طبعًا تأييد رأينا في أكثر المسائل بقضاء المحاكم لأن هذه المسائل طارئة لم يفصل فيها القضاء إلى الآن.
تنظيم طريقة التسجيل
قلنا، عند مقارنة نصوص القانون المدني بنصوص قانون التسجيل، إن هذا القانون قد نظم طريقة تسجيل العقود، كما نظم طريقة إشهار الدعاوى وعقود الحوالة بالديون العقارية. 
جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون التسجيل (المحاماة س 3 ص(457)) تحت عنوان (نقص القانون بالنسبة للتسجيل والطريقة المتبعة في العمل( ما يأتي:
لاحظت لجنة السجلات العقارية الصعوبة العظمى القائمة في أمر تعيين الحالة الحقيقية للأملاك العقارية بالقطر المصري من الوجهة القانونية نظرًا لنقص نصوص القانون وللعيوب التي تشاهد في العمل فيما يتعلق بتحرير العقود الناقلة للملكية العقارية ونظام السجلات والفهارس). 
(ومن البديهي أنه لا يمكن التفكير في تسجيل الأملاك العقارية وهو أساس كل نظام للسجلات العقارية طالما أن تحديد حالتها القانونية أي تحديد حقوق الملاك على اختلاف أنواعهم تعترضه عقبات كالتي أظهرتها التجارب).
(وقد رأت اللجنة الخاصة ضرورة البدء في تقليل هذه العقبات بقدر الإمكان إن لم يكن بإزالتها تمامًا، وهي تنحصر في: 
1 - عدم بيان العقود التي يجب تسجيلها بيانًا كافيًا. 
2 - عدم وجود جزاء قانوني على درجة كافية من الشدة بحيث يضمن القيام بهذا التسجيل.
3 - سوء تحرير عدد كبير من هذه العقود.
4 - عدم وجود أي ضمانة تكفل صحة توقيعات المتعاقدين). 
وقد رأينا كيف عالج القانون الأمرين الأولين، وسنرى كيف عالج الأمرين الأخيرين.
فقد نصت المادة (3) من القانون على البيانات التي يجب أن تشملها العقود المراد تسجيلها فقالت: 
(يجب أن تشمل المحررات المقدمة للتسجيل خلاف البيانات الخاصة بموضوعها جميع البيانات اللازمة أو المفيدة في الدلالة على شخصية الطرفين وتعيين العقار بالذات وعلى الأخص. 
( أ ) أسماء الطرفين وأسماء آبائهم وأجدادهم لآبائهم وكذلك محل إقامة الطرفين.
(ب) بيان الناحية واسم ونمرة الحوض ونمرة القطع إذا كانت واردة في قوائم فك الزمام وكذلك حدود ومساحة القطع بأدق بيان مستطاع. 
ويجب في عقود البيع والبدل ذكر أصل الملكية واسم المالك السابق وكذلك تاريخ ونمرة تسجيل عقده إذا كان مسجلاً). 
ولم يرد الشارع تجريد العقود غير المستوفاة تلك البيانات من قيمتها بحرمانها من التسجيل فنص في المادة (4) على أن تسجيلها يكون بأمر القاضي فقال: 
(المحررات العرفية التي لا تشتمل على البيانات الموضحة بالمادة السابقة لا يمكن تسجيلها إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من قاضي الأمور الوقتية، وعلى كل حال تأخذ هذه المحررات في دفتر العرائض نمرة مسلسلة تحفظ لها دورها حتى يصدر أمر القاضي ويجب تقديم الطلب إليه في مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا). 
وقد نصت المادة (5) في القانون على ما يأتي:
(تسهيلاً لمراعاة ما ورد في المادة الثالثة تقدم الحكومة لأرباب الشأن نماذج مطبوعة لأهم العقود التي يقضي القانون بتسجيلها). 
وبالمواد الثلاث السابقة قد عالج القانون الأمر الثالث من المذكرة الإيضاحية، سوء تحرير العقود، وبالمادة (6) عالج الأمر الرابع، ضمان صحة توقيعات المتعاقدين، (بوجوب التصديق على إمضاءات وأختام الطرفين الموقع بها على المحررات العرفية المقدمة للتسجيل، ويكون التصديق بمعرفة أحد الموظفين أو المأمورين العموميين الذين يعينون بالقرارات المنصوص عنها في المادة السابعة عشرة).
إشهار الدعاوى
نصت المادة 612/ 738 من القانون المدني على (وجوب تسجيل الأحكام المتضمنة لبيان الحقوق التي من هذا القبيل أو المؤسسة لها( (أي المؤيدة أو المنشئة للحقوق العينية العقارية). 
ونص قانون التسجيل على وجوب تسجيل (الأحكام النهائية التي من شأنها إنشاء حق ملكية أو حق عيني عقاري آخر أو نقله أو تغييره أو زواله) - مادة (1) – كما نص على وجوب تسجيل الأحكام النهائية المقررة - أي المؤيدة لهذه الحقوق - مادة (2).
ولما كان الأثر المترتب على الأحكام يرجع أصلاً إلى تاريخ رفع الدعوى وقد يرجع إلى تاريخ العقد كما سترى، كان واجبًا إعلان الغير بهذه الدعاوى، حتى تكون حجة عليهم، فيما إذا تعاقدوا مع أحد العاقدين بشأن الحق العقاري المتنازع عليه قبل صدور الحكم فيها، لأنه من البديهي أنه إذا كان الحكم لا يصبح حجة لصاحبه على الغير إلا بالتسجيل، فلا تكون الدعوى حجة كذلك إلا من تاريخ إعلانها للغير بالتسجيل أيضًا، فلا يرجع أثر الحكم إلى الماضي بالنسبة للغير بإشهار الدعوى وإلى تاريخ تسجيلها فقط، كما سترى.
وقد جرى العمل بذلك قبل قانون التسجيل، لذلك رأى الشارع المصري تنظيم طريقة تسجيل الدعاوى، متبعًا في ذلك أحدث القوانين الأجنبية، وخطا بذلك خطوة واسعة نحو نظام السجلات العقارية. 
والمواد التي عنيت بهذا الموضوع هي المواد (7) و(8) و (9) و (10) و (11) و (12) من القانون.
المادة (7): (يجب التأشير على هامش سجل المحررات واجبة التسجيل بما يقدم ضدها من دعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع فيها، فإذا كان المحرر الأصلي لم يسجل فتسجل تلك الدعاوى، وكذلك دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية يجب تسجيلها أو التأشير بها كما ذكر).
ويتبين من هذا النص أن الدعاوى إما أن تكون دعوى بطلان عقد، أو فسخه، أو إلغائه أو الرجوع فيه، وهذه الدعاوى ترفع من أحد العاقدين، أو من ورثته، أو ممن تلقى الحق عنه بسبب خاص، أو من دائنيه - وإما أن تكون دعوى استحقاق حق عيني عقاري فترفع من الغير.
وأن العقد المطلوب بطلانه أو فسخه أو إلغائه أو الرجوع فيه، أما أن يكون مسجلاً فيقتضي التأشير بما يقدم ضده من الدعاوى بهامش سجل المحررات - وإما أن يكون العقد غير مسجل، فيقتضي تسجيل عريضة الدعوى. 
ولا محل طبعًا لتسجيل الدعوى إذا لم يكن العقد مسجلاً إلا احتياطًا من تسجيل العقد بعد رفعها.
المادة (10): (يؤشر بمنطوق الحكم الصادر في الدعاوى المبينة بالمادة السابعة في ذيل التأشير بالدعوى أو في هامش تسجيلها). 
وهذه المادة لا تحتاج إلى تعليق 
المادة (11): ( لأجل أن تكون الدعوى حجة على الغير من ذوي الجنسية الأجنبية يجب أن يطلب صاحب الشأن قيد التسجيلات والتأشيرات المذكورة في المواد (7) و(8) و (10) بقلم الرهون المختلط الكائن في دائرته العقار.
وكذلك تبلغ الأوامر الصادرة بشطب التسجيلات والتأشيرات المذكورة إلى قلم الرهون المختلط ليقوم بتنفيذها بناءً على طلب صاحب الشأن). 
وهذا امتياز قد احتفظ به الأجانب في مصر من عهد إنشاء المحاكم المختلطة وتنظيم أقلام الرهون بها، ولقد ساعدهم على الاحتفاظ به، اضطراب عملية التسجيل بالمحاكم الشرعية وعدم إنشاء أقلام الرهون بالمحاكم الأهلية طبقًا للمادة (622) وما بعدها من القانون المدني الأهلي. 
وإذا كانت المادة الأولى من القانون الجديد قد نصت على أن التسجيل يحصل في قلم كتاب المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار (مع لغو هذا النص) أو في المحكمة الشرعية، كان لا بد من النص على التحفظ الوارد بالمادة (11) من القانون المشار إليه. 
وستبقى المضار الكثيرة، الناشئة عن تعدد جهات التسجيل، والتي يعانيها أصحاب الشأن من معاملاتهم العقارية، إلى أن توحد أقلام التسجيل، بإنشاء السجلات العقارية التي كان قانون التسجيل المجاز لها. 
ونصت المادة (8) على أن التأشير والتسجيل المشار إليهما في المادة (7) يكون بناءً على طلب صاحب الشأن، كما نصت على طريقة حصول التأشير والتسجيل المذكورين. 
ونصت المادة (12) على ما يترتب على تسجيل الدعاوى والتأشير بها، وقد تكلمنا عن ذلك قبل شرح مواد القانون. 
ولقد خشي الشارع سوء استعمال الحق المنصوص عليه في المادة (7)، فترفع دعاوى كيدية تسجل عرايضها لا لغرض سوى تعطيل صاحب الحق في التصرف فيه، لذلك نص في المادة (9) على أن (لكل طرف ذي شأن أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة شطب التأشير أو التسجيل المشار إليه في المادة السابقة، فيأمر به القاضي إذا تبين له أن ذلك التأشير أو التسجيل لم يطلب إلا لغرض كيدي محض).
وهذا احتياط كان لا بد منه. 
وهنا يجب البحث إجمالاً في أثر الحكم ببطلان العقد أو فسخه أو إلغائه أو الرجوع فيه سواء في عهد القانون المدني أو في عهد قانون التسجيل.
1 - أثر الحكم ببطلان العقد
1/ في القانون المدني: 
( أ ) فيما بين العاقدين: إذا كان العقد باطلاً بطلانًا أصليًا لعيب جوهري فيه، سواء كان هذا العيب متعلقًا بشكل العقد، كالهبة أو الرهن العقاري بعقد عرفي، أو كان العيب متعلقًا بموضوع العقد، كما إذا كان التعهد خاليًا من السبب - مادة 94/ 148 أو لمخالفته للآداب أو للنظام العام - المادة المذكورة - أو متعلقًا بمركز العاقد - مادة 257/ 324 - أو كان العقد صوريًا - ففي هذه الحالة يعتبر العقد معدوم الأثر من عهد إنشائه.
وكذلك إذا كان العقد قابلاً للبطلان، أي كان البطلان فيه نسبيًا تصححه الإجازة، كما إذا كان ناشئًا عن عدم ملكية العاقد، أو عن عدم أهليته، أو عن عيب في رضائه، كالخطأ أو الغش أو الإكراه، أو عن مانع مرتبط بشخصه مادة 258/ 325 – فكما يصحح العقد بالإجازة، يزول بطلب البطلان، ويرجع الأثر في الحالتين إلى تاريخ العقد. 
وكذلك الحال إذا كان الحكم صادرًا بالفسخ لقعود أحد العاقدين عن وفاء ما تعهد به. 
ويترتب على ذلك أنه إذا أبطل العقد عاد الطرفان إلى الحالة التي كانا عليها قبله، فيجوز للمشتري الرجوع على بائعه بالثمن، ويجوز للأخير محاسبة المشتري على ثمرة العين، ولا يستثنى من ذلك سوى العاقد مفقود الأهلية، فلا يجوز الرجوع عليه بالثمن، إذا كان بائعًا، ولا بالثمرة، إذا كان مشتريًا، إلا بقدر ما انتفع.
وما يقال عن العاقدين، يقال عن خلفائهم، بسبب خاص، أو بسبب عام، وعن دائنيهم في الدعوى غير المباشرة، وسواء، في جميع هذه الأحوال، أكان العقد مسجلاً أم غير مسجل. 
(ب) فيما بين دائن البائع والعاقدين: وقد يكون طالب الإبطال هو الدائن بما له من حق خاص، أي برفع الدعوى المباشرة، ويراد تحديد مركز هذا الدائن بالنسبة لمن تلقى حقًا عينيًا على عقار المدين، ثم مركز من تلقى هذا الحق بالنسبة للمدين نفسه. 
أما الدائن فقد يرفع دعوى إبطال تصرفات مدينه، وفي هذه الحالة، إذا ما حكم بإبطال التصرف، رجع أثر الحكم إلى تاريخ صدور العقد، فترجع العين إلى ملكية المدين، خالية من كل حق للمشتري عليها، ويحاسب المشتري على ثمرة العين، ولا تحصل المقاصة عنها بفوائد الثمن، وذلك لسوء نية المشتري فرضًا في هذه الحالة - وهذا بالنسبة للدائن الذين تولى رفع الدعوى، أو للدائنين الذين اشتركوا معه فيها أو دخلوها أثناء قيامها، وكانت ديونهم سابقة على التصرف أي ذات تاريخ سابق على ثبوت تاريخ التصرف، ولا يستفيد من البطلان الدائنون الذين لم يشتركوا في الدعوى، ولا الدائنون اللاحقة ديونهم على التصرف، فلا أثر للحكم الصادر بالبطلان بالنسبة لديونهم. 
وكذلك لا أثر لحكم البطلان فيما بين البائع والمشتري، فإذا تنازل الدائن عن دعواه، أو اصطلح على حقه، أو قبض دينه من المشتري أو وفاه من مال المدين، نفذ العقد على البائع وسقط حكم البطلان. 
وكذلك إذا رفع الدائن دعوى الصورية، رجع أثر الحكم فيها إلى تاريخ العقد أيضًا، لانعدام أثر العقد من تاريخ صدوره، سواء كان الدين سابقًا على التصرف أو لاحقًا به، ويستفيد من الحكم جميع الدائنين، ذلك لأن العقد الصوري لا أثر له في الوجود، فيبقى العقار في ملكية المدين محلاً لوفاء الديون التي عليه. 
(جـ) فيما بين دائن البائع والغير: وهو من تلقى بحسن نية حقًا عينيًا عقاريًا على العين عن المشتري، وحفظه بالتسجيل - فماذا يكون أثر الحكم الصادر بالبطلان، في دعوى إبطال التصرف، ثم في دعوى الصورية؟ 
لا شك أن لا أثر لحكم إبطال التصرف بالنسبة للغير حسن النية، لأن شرط دعوى إبطال التصرف سوء نية المشتري، فالبيع فيها صحيح نافذ لولا سوء نيته، فلا يمكن أن يؤاخذ المشتري الثاني بجريمة الأول، ولا يعترض هنا بضياع حق الدائن، ولا بتناقض النتيجة بالنسبة للمشتري الأول والثاني، لعدم توفر الركن الأساسي للدعوى بالنسبة للمشتري الثاني كما قدمنا، ولأن بين الدائن العادي والمشتري حسن النية، يجب ترجيح الأخير على كل حالة.
وأما في دعوى الصورية، فليس الأمر مقطوعًا به كما في الدعوى السابقة.
فمن العلماء من يقول بأن العقد الصوري لا أثر له بين العاقدين فهو لا يملك المشتري العين المبيعة، وإذن لا يملك هذا المشتري العين لمن باع له، لأن لا فرق بين الصورية والعقد الباطل لعيب في الرضاء، وهذا يؤثر في صحة العقد حتى بالنسبة للمشتري الثاني، ولو كان رضاء المشتري الأول صحيحًا في التصرف الثاني. 
راجع تعليقات دللوز على المادة (111) جزء (2) ص (936) فقرة (188) وما بعدها - لارومبيير جزء (1) مادة (111) فقرة 31 – دملوب جزء (24) فقرة (130). 
ويبني هؤلاء العلماء رأيهم على حكم المادة (2125) مدني التي نصت على أن الحق المعلق على شرط موقف أو فاسخ لا ينتقل إلى الغير إلا بشرطه.
ومن العلماء من يقول بأن لا أثر لحكم البطلان في دعوى الصورية فيمن تلقى بحسن نية حقًا عقاريًا عن المشتري، لأن الصورية تستلزم وجود عقدين، أحدهما ظاهر وهو العقد الصوري، والثاني خفي وهو العقد الحقيقي (ورقة الضد)، ولأن القاعدة الأساسية في مادة التسجيل تقضي بعدم جواز الاحتجاج بالعقد على الغير ما لم يكن مسجلاً، فإذا كانت ورقة الضد مسجلة، كان هذا إعلانًا للغير بصورية العقد، وإن لم تكن مسجلة وجب صيانة حق الغير حسن النية، ولأن المادة (1321) نصت على أن أوراق الضد ليست حجة على الغير، وأخيرًا لأن القضاء أجمع على ذلك ولو كانت ورقة الضد ثابتة التاريخ رسميًا (راجع بودرى، الالتزامات، جزء (1) ص(765) فقرة (740)) - وأخيرًا لعدم جواز قياس هذه الحالة على دعوى البطلان أو الفسخ التي يرفعها العاقد نفسه، لأن دعوى الصورية هنا مرفوعة من الدائن بما له من هذا الحق شخصيًا (المؤلف المذكور ص (767) فقرة (742)). 
ولقد اختلف القضاء في فرنسا اختلاف الفقهاء فيها، فقد أخذ بعض الأحكام بالرأي الأول القائل بالأثر الرجعي (سيريه 1900، 1، 72 – دللوز 1905، 2، 127) - وقد أخذ البعض الآخر بعدم الأثر الرجعي للحكم بالصورية (دللوز 1893، 1، 369).
وقد أخذت بالرأي الأول محكمة الاستئناف الأهلية (28 مايو سنة 1913 – المجموعة الرسمية س 15 ص(140)) ومحكمة الاستئناف المختلطة في (6 مارس 1913 - مجلة التشريع والقضاء سنة 25 ص (214)) – ثم عادت المحكمة الأخيرة فأخذت بالرأي الثاني (20 يونيه سنة 1918 - س 30 ص (482)).
- راجع الأستاذ عبد السلام بك ذهني - التسجيل - ص (79) وما بعدها.
(د) أثر العقد الباطل بالنسبة للغير على وجه عام: 
إذا كان العقد باطلاً بطلانًا مطلقًا، فلا أثر له من الوجهة القانونية، وعلى ذلك فلا يترتب عليه حق للغير مطلقًا. 
والعلة في ذلك ظاهرة فيما إذا كان سبب البطلان يرجع إلى عدم توفر أركان العقد، أو إلى عدم استيفاء إجراءات تعلق بشكل العقد، لأنه في هذه الحالة لا يمكن أن يقال بحسن نية من تلقى الحق عن المشتري، لأن جهل القانون ليس عذرًا مشروعًا. 
وكذلك إذا كان سبب البطلان مركز أحد العاقدين من العين المبيعة كالحالة المنصوص عليها في المادة 257/ 234. 
وأما إذا كان سبب البطلان غير ظاهر، كأن كان سبب التعهد غير مشروع، وليس في العقد ما يشير إلى عدم مشروعيته، بل قد ينص العقد على سبب صوري مشروع لإخفاء السبب الحقيقي للتعهد، فإنه يتعذر على المنصف أن يقول بأثر البطلان في حق المشتري الأخير، ذلك لأنك لن تستطيع أن تنسب له شيئًا من التقصير، ولأن مركزه أجدر بالرعاية من مركز البائع الذي قبل أن يتعهد تعهدًا مبنيًا على سبب غير مشروع، ولأنه في الواقع ضحية اتفاق البائع والمشتري الأول، وأخيرًا لأن تأمين المعاملات العقارية يقتضي احترام عقد المشتري الأخير، لذلك يقول الأستاذ ذهني بك بعدم الأثر في حق المشتري الأخير إذا كان حسن النية (ص (60) فقرة (64)). 
ولكن القضاء سار على الرأي المخالف أخذًا بقاعدة أن العقد الباطل بطلانًا مطلقًا لا وجود له، وأن ما بني على الباطل فهو باطل. 
أما إذا كان البطلان نسبيًا، تصححه الإجازة، كما إذا كان سببه عدم الصفة في بيع عقار الغير دون إجازته، أو كان سببه قصر الصفة كبيع الوصي عقار القاصر لنفسه - مادة 258/ 325 - أو كان سببه عدم الأهلية كبيع القاصر والمحجور عليه، أو كان لعيب في الرضاء كالإكراه والغش والخطأ، فهذه التصرفات قابلة للبطلان، بمعنى أنها باطلة إذا لم يجزها صاحب الشأن فيها، كالمالك، والمجلس الحسبي، وعديم الأهلية عند أهليته، والعاقد، فإذا أجازها صاحب الشأن صحت هذه التصرفات، وإن أبطلها أبطلت، وفي الحالتين يرجع الأثر إلى تاريخ العقد.
وهنا يبحث العلماء في أمرين: هل حق الإبطال حق عيني أو شخصي؟ وهل حق المشتري معلق على شرط فاسخ وهو طلب الإلغاء. 
فإن قلنا بأن حق الإبطال عيني، جاز للمالك تتبع العقار مهما تعددت البيوع، ولو كان أصحابها حسني النية، وإن قلنا بأنه حق شخصي، اقتصر هذا الحق على علاقة البائع بالمشتري الأول. 
وإن قلنا بأن حق المشتري معلق على شرط فاسخ، وهو الإلغاء، وجب رجوع أثر الشرط عند تحققه إلى تاريخ العقد. 
على أن الأثر الفعال في تقرير قاعدة أثر الإبطال في حق الغير هو المنطق وحده، لا ماهية الحق ولا أثر الشرط، فإن العلماء متفقون على أن حكم البطلان المطلق والنسبي واحد، وهو عدم انتقال ملكية العين للمشتري، وإذن لا يجوز للأخير أن يملكها لغيره، وهم في الوقت نفسه مختلفون في ماهية حق الإبطال، ويحاولون تقرير القاعدة السابقة بتقريب بعض نصوص القانون ببعضها.
على أننا نفهم أن المشتري من مشترٍ من غير مالك أو من عديم الأهلية لا يستحق عطف الفقهاء لإهماله بحث أسباب ملكية البائع له أو أهليته، أو المشتري من مشترٍ حصل على رضاء بائعه بالإكراه أو الغش أو الخطأ فأي تقصير أو خطأ ينسب إليه، إذا قيل بأن البائع قد جرد من ملكه بالرغم منه، فإن هذا التجريد راجع إلى بعض التقصير من جانبه، ولا يرجع على كل حال إلى فعل المشتري الأخير حسن النية. 
ولم ينص القانون المدني على وجوب تسجيل الأحكام الملغية للعقود لتكون حجة على الغير، لأن المادة 612/ 737 نصت على الأحكام المؤيدة للحقوق، أو المنشئة لها، ولأن المادة 640/ 773 لم تجعل التسجيل شرطًا للاحتجاج بالأحكام الملغية على الغير.
وعلى ذلك فهذه الأحكام حجة على الكافة دون حاجة إلى تسجيلها. 
2/ في قانون التسجيل:
( أ ) بالنسبة للعاقدين: إذا كان عقد البيع مسجلاً، انتقلت الملكية بين العاقدين، في عهد قانون التسجيل، وعلى ذلك يكون للعقد الباطل بين العاقدين أثره في عهد القانون المدني.
وكذلك إذا لم يسجل العقد، ولم تنتقل الملكية، لأن للعقد قيمته بالرغم من عدم انتقال الملكية فهو قائم وله أثره الذي تحدثنا عنه طويلاً. 
وعلى ذلك للبائع أن يرفع دعوى البطلان، بالرغم من عدم تسجيل العقد، ويكون لحكم البطلان بين العاقدين نفس الأثر في عهد القانون المدني. 
وما يقال عن العاقدين يقال عن خلفائهم، بسبب خاص أو بسبب عام، وعن دائنيهم في الدعوى غير المباشرة، وما يقال عن البيع يقال عن انتقال الحقوق العينية العقارية على وجه عام.
(ب) بالنسبة للغير: 
نصت المادة الأولى من قانون التسجيل على وجوب تسجيل الأحكام النهائية القاضية بزوال الحقوق العينية العقارية لتكون حجة على الغير.
ونصت المادة السابعة على وجوب التأِشير بدعوى بطلان العقود أو فسخها أو إلغائها أو الرجوع فيها، على هامش السجل إذا كانت العقود مسجلة، أو تسجيل تلك الدعاوى إذا كانت العقود مسجلة.
ولكن المادة الأخيرة لم تنص على أثر عدم التسجيل، فلم تقل ( وإلا كانت تلك الدعاوى غير حجة على الغير). 
ولكن هذا الأثر مفهوم من نص المادة الأولى التي قضت بتسجيل الحكم ليكون حجة على الغير، ومن نص المادة الحادية عشرة التي جعلت التأشير والتسجيل واجبين في سجلات المحكمة المختلطة لتكون الدعوى حجة على الغير من ذوي الجنسية الأجنبية.
لا شك أن الشارع أراد بهذه النصوص حماية الغير من نتائج دعوى البطلان والإلغاء، ليس فقط لأن الغير قد يكون حسن النية ومستحقًا لعطف الشارع، ولكن لاستقرار الملكية وتأمين المعاملات العقارية، أي للمصلحة العامة التي هي فوق مصلحة الأفراد في جزئيات القضايا. 
فما هو مدى هذه الحماية متى قررها القانون الجديد؟ 
نرى إطلاق هذه الحماية على الغير حسن النية، فشرط الاحتماء بهذه النصوص في رأينا واحد وهو حسن نية الغير. 
فإذا كان العقد المطعون فيه مسجلاً، وجب البحث في ماهية البطلان، فإن كان البطلان مطلقًا لعيب به ظاهر في موضوع العقد أو لعيب جوهري في شكله، أو كان البطلان نسبيًا، ولكن مما يمكن تحققه من بحث أسباب الملكية أو صفة العاقد، وجب سريان أثر البطلان على المشتري الأخير لعلمه بالعيب المبطل للعقد فرضًا، ولو لم تسجل الدعوى. 
وأما إذا كان البطلان مما لا يستطيع المشتري الأخير تحققه ولا يظهر من العقد نفسه، وجب حماية هذا المشتري، فلا تسري عليه دعوى البطلان إذا تسجل عقده قبل تسجيل عريضة الدعوى طبقًا لأحكام قانون التسجيل، ولو كان العقد المطعون فيه مسجلاً. 
وعلى ذلك فدعوى البطلان لعدم مشروعية سبب التعهد، أو لصورية العقد، أو لعيب في الرضاء لا تسري على المشتري الأخير إلا بالتسجيل. 
أما إذا كان العقد المطعون فيه غير مسجل، فلا يمكن أن يقال بسوء نية المشتري الأخير الجهلة العقد، وتبعًا العيوب التي اشتمل عليها، وعلى ذلك فدعوى البطلان لا تكون حجة عليه لا بالتسجيل. 
وقد يعترض على ذلك بأن قانون التسجيل قد ألغى المادة (619)، فلا تنتقل الملكية إلى المشتري الثاني إلا بتسجيل عقد المشتري الأول. 
هذا صحيح ولكن هذا التسجيل يمكن حصوله بعد شراء المشتري الثاني وتسجيل عقده، يرجع أثره إلى تاريخ البيع الأول، فتنقل الملكية للمشتري الأول من تاريخ العقد الأول، وللمشتري الثاني من تاريخ العقد الثاني، فيصحح مركز المشتري الثاني دون أن يتهم مع ذلك لعلمه بعيوب البيع الأول وقت شرائه. 
ويؤيد وجهة نظرنا نص المادة 620/ 747 من القانون المدني، التي سيأتي الكلام عليها، ومقارنته قانون التسجيل المشار إليه. 
وكما يكون إبطال العقد بدعوى وبحكم يصدر فيها، فقد يكون ذلك بالاتفاق بين البائع والمشتري، وفي هذه الحالة يأخذ العقد محل الحكم، فلا يكون حجة على المشتري الثاني إلا من تاريخ تسجيله في الأحوال التي لا تسري فيها الدعوى عليه إلا بالتسجيل.
ولا يؤثر هذا الاتفاق في حق المشتري الثاني إذا حصل بطريق التواطؤ إضرارًا بحقوقه.
2 - أثر الحكم بفسخ العقد
1/ في القانون المدني: 
بالنسبة للعاقدين - يترتب على فسخ العقد اعتباره كأن لم يكن، ويترتب على ذلك سقوط الحقوق التي رتبها المشتري على العين المبيعة، (دللوز مادة (1654) فقرة (214) – بوردي - كتاب البيع ص (493) فقرة (561)) وتثبت الحقوق التي رتبها البائع بعد البيع وقبل الفسخ (فقرة (223) وبوردى ص (493)). 
بالنسبة للغير - نصت المادة 620/ 747 على أنه (لا يحتج بحق البائع في فسخ البيع على من سجل بموافقة الأصول حقوقه العينية التي حازها من المشتري أو ممن انتقلت إليه حقوق المشتري قبل تسجيل عقد البيع). 
فإذا باع المالك الغير لمشترٍ، ولم يسجل هذا العقد، ثم باع المشتري العين لمشترٍ ثانٍ، فسجل عقده، وكان باقيًا جزء من الثمن فلا يستطيع هذا البائع رفع دعوى الفسخ على المشتري الثاني لأنه لم يحفظ امتيازه بالتسجيل. 
وبهذا المعنى يجب أن نفسر المادة (417) مختلط التي نصت على أنه (لا يترتب على فسخ البيع في العقار بالنسبة لغير المتعاقدين ضرر بحقوق أصحاب الرهون العقارية المسجلة(أي بشرط أن تسجل هذه الرهون قبل تسجيل عقد البيع. 
- راجع الأستاذ نجيب بك الهلالي - أحكام البيع ص (492) فقرة (714). 
ولقد اختلف شراح القانون المدني في تفسير المادة 620/ (747) فيما إذا كان حكم هذه المادة قاصر على الفسخ بسبب قعود المشتري عن دفع الثمن، أخذًا بنص المادة (7) من القانون الفرنسي الصادر في 23 مارس سنة 1855 - أو أنه يشمل الفسخ مطلقًا لأي سبب آخر. 
- راجع الهلالي بك ص (492) فقرة (713) – الحاشية (1). 
وكما يكون الفسخ بالتقاضي، قد يكون بالتراضي وإنما يشترط في الحالة الأخيرة أن لا يكون الغرض من التراضي على الفسخ الإضرار بحقوق الغير التي ترتبت بفعل المشتري، ولا أن يكون الغرض منه بيعًا جديدًا من المشتري للبائع، كما إذا لم يكن سبب ظاهر للفسخ، ففي هاتين الحالتين، لا يضار أصحاب الحقوق المكتسبة على العين باتفاق العاقدين. 
2/ في قانون التسجيل:
إذا كان هناك شك فيما قررناه عن عدم سريان دعوى البطلان على المشتري الثاني، إلا إذا سجلت قبل تسجيل عقد المشتري المذكور، فلا شك في عدم سريان دعوى الفسخ عليه إلا بالتسجيل، وطبعًا لا محل في دعوى الفسخ للتفصيل الذي تكلمنا عنه في دعوى البطلان.
3 - أثر الرجوع في العقد
أما الرجوع في العقد الصحيح باتفاق الطرفين، فهو عقد جديد، حكمه حكم العقد الناقل للملكية. 
أما إذا تحرر العقد في صورة صلح في نزاع، يصبح العقد مؤيدًا للحق وحكمه حكم الفسخ، فيرجع أثره إلى الماضي، وإنما يشترط فيه سلامة نية العاقدين، بأن يكون هناك نزاع وصلح حقيقيان وإلا كان العقد منشئًا للحق فيأخذ حكم العقود المنشئة للحقوق بالنسبة للغير. 
وفي القانون المدني، يجب تسجيل العقد المنشئ للحق وأثره لا يتعدى حق الغير المسجل حقه قبل تسجيل العقد، بينما لا يشترط تسجيل العقد المؤيد للحق، وأثره يتعدى الغير إذا كان العقد الأول مسجلاً، ولا يتعداه إذا سجل الغير عقده قبل تسجيل البيع - مادة 620/ 747. 
وأما قانون التسجيل، فقد نص في المادة الثانية على وجوب تسجيل العقود المؤيدة للحقوق، بحيث لا يكون لها من الأثر الرجعي، بالنسبة للغير الذي سجل عقده قبل تسجيلها.
تسجيل حقوق الامتياز العقارية
نصت المادة الأولى من قانون التسجيل في نهاية الفقرة الأولى منها على ما يأتي (وذلك مع مراعاة النصوص المعمول بها الآن في مواد الامتياز والرهن العقاري والاختصاصات العقارية).
ونرى قبل شرح هذه المادة، وقبل الكلام على ترتيب درجات حقوق الامتياز، أن نقول كلمتين عن الفارق بين حقوق الامتياز والرهن العقاري، وعن أنواع تلك الحقوق، وذلك لقصر نصوص القانون في هذا الموضوع 
1 - الفارق بين حق الامتياز والرهن العقاري:
يختلف حق الامتياز عن الرهن العقاري في إنشاء كل منهما، فالامتياز حق لبعض الدائنين مرتبط بصفاتهم، يتلقاه صاحبه عن القانون، بينما الرهن حق تعاقدي بطبيعته، يتلقاه أحد العاقدين عن الآخر، أو عن القضاء في الرهن القضائي أو الاختصاص، وعبارة
privilége نفسها تتكون من كلمتين تعريبهما: الأرجحية والقانون، أو الأرجحية القانونية.
ويترتب على ذلك، أن ترتيب درجات حقوق الامتياز منوط بحكم القانون، فيما عدا امتياز المرتهن رهن حيازة، بينما ترتيب درجات الرهن العقاري منوط بالأسبقية في التسجيل، وأن حقوق الامتياز التي من نوع واحد تشترك في التوزيع كالديون العادية، بينما حقوق الرهن تتفاضل بالأسبقية.
وبينما كان حق الرهن العقاري مفضلاً في القانون الروماني على حقوق الامتياز، ففي القانون المصري والقوانين الحديثة قد رجحت هذه الحقوق على حق الرهن (وهنا كلامنا قاصر طبعًا على حقوق الامتياز العقارية)
وبينما حقوق الامتياز واردة في القانون على سبيل الحصر، فلا يجوز خلق حق امتياز لم ينص عليه القانون، ولا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها، نجد الرهن العقاري مطلقًا، جائزًا على جميع الحقوق العينية العقارية، أي على حق الملكية وأجزائها، مما يجوز بيعه بطريق البيع الجبري، وهو مآل حق الدائن عند عدم الوفاء. 
2 - أنواع حقوق الامتياز:
حقوق الامتياز عامة وخاصة، أي تقع على جميع أموال المدين منقولة أو عقارية، أو على بعضها دون البعض الآخر. 
( أ ) حقوق الامتياز العامة:
تنحصر هذه الحقوق في مصر فيما يأتي: 
1 - (المصاريف القضائية المنصرفة لحفظ أملاك المدين وبيعها، وتدفع من ثمن هذه الأملاك قبل ديون الدائنين الذين صرفت تلك المصاريف لمنفعتهم). 
- مادة (601) فقرة (1) (727 فقرة (1)).
وهذا الامتياز منصوص عليه في جميع الشرائع العصرية، وهو يشمل نوعين من المصاريف مصاريف الحفظ
Conservation ومصاريف البيع realisatin وما يترفع عنهما. 
ومن النوع الأول - مصاريف إجراءات التنفيذ، والجرد والدعوى البوليصية، وإدارة أملاك المفلس... ومن النوع الثاني مصاريف إجراءات البيع في التنفيذ على المنقولات والتنفيذ العقاري أي التنفيذ بنوعيه، ولو لم تنص عليه المادة صراحة. 
وعلة حق الامتياز في هذه الحالة أن هذه المصاريف إنما صرفت في مصلحة جميع الدائنين لذلك كان واجبًا أن تؤدي قبل وفاء ديونهم. 
ويترتب على هذه القاعدة أن الإجراءات التي لا تفيد الدائن تصبح مصاريفها غير ممتازة على دينه، فإذا قام نزاع من مستأجرين تعين من أجله حارس على الأرض المؤجرة، فمصاريف دعوى الحراسة لا تفضل امتياز المالك المؤجر على ثمن المحصولات. 
وكذلك إذا كانت المصاريف القضائية لم تفد غير دائن واحد، فلا امتياز لها في الواقع، لأنها لا تفضل باقي الديون، وإنما يكون الامتياز في هذه الحالة نظريًا لا غير، وهذا وذاك بالرغم من نص المادة 517/ 518 مرافعات. 
2 - (المبالغ المستحقة للميري عن أموال أو رسوم أيًا كان نوعها) - المادة (601) فقرة (2) - أهلي، والأمر العالي الصادر في 26 مارس سنة 1900 – مختلط.
وقد نصت المادة (601) فقرة (2) على أن (هذه المبالغ ممتازة بحسب الشرائط المقررة في الأوامر واللوائح المختصة بها (وتأتي في القانون المختلط المشار إليه بعد المصاريف القضائية مباشرة. 
3 - (المبالغ المستحقة للمستخدمين في مقابلة أجر السنة السابقة على البيع أو الحجز أو الإفلاس، والمبالغ المستحقة للكتبة والعملة في مقابلة أجرتهم مدة ستة شهور، وتدفع هذه المبالغ بنوعيها عند الاقتضاء بعد المصاريف القضائية). 
- مادة (601) فقرة (3) (727 فقرة 2).
ويستفاد من هذا النص أن أجرة المستخدمين تأتي في المرتبة الثانية بعد المصاريف القضائية مباشرة، وهذا خطأ ناشئ عن نقل الفقرة الثانية من المادة (727) مختلط إلى القانون الأهلي، وقد رأينا أن هذه المادة لم تنص على امتياز الأموال الأميرية، فاحتاج الأمر إلى النص عليها بقانون خاص. 
ويرى مسيو دوهلتس أن الأموال الأميرية والرسوم، وإن كانت من الديون الممتازة العادية في القانون المدني والأهلي، إلا أنها من الديون الممتازة الخاصة في القانون المختلط، لأنها لا تقع إلا العقارات المستحقة عليها الأموال والرسوم (دوهلتس جزء (3) ص(494) فقرة (5)). 
- راجع أحكام محكمة الاستئناف المختلطة في 20 مارس سنة 1890 مجلة التشريع والقضاء س 2 ص (147) – 14 فبراير سنة 1895 س 7 ص (125) - 11 فبراير سنة 1897 س 9 ص (154). 
وكذلك المصاريف القضائية يمكن حصرها ضمن الديون ذات الامتياز الخاص باعتبارها ممتازة فقط على الأموال وعلى ثمن العقارات التي صرفت في حفظها وبيعها (دوهلتس الصحيفة والفقرة المذكورتين). 
ومن الديون ذات الامتياز العام التي نصت عليها القوانين الخاصة الديون المستحقة لجهة الحكومة على محصلي أموالها في البلاد (الصيارف) وضمانهم طبقًا لنص المادتين الأولى والخامسة من الأمر العالي الصادر في 21 إبريل سنة 1885، والديون المستحقة على حفظة أموال الحكومة (الصيارف) في المديريات ومصالح الحكومة وضمانهم طبقًا للأمر العالي الصادر في 28 نوفمبر سنة 1886. 
حفظ حقوق الامتياز العامة: 
إذا وقعت هذه الحقوق على العقار، كان مفروضًا، وهي حقوق عينية، أن لا تكون حجة على الغير إلا بإعلانها بالتسجيل.
ولكن القانون المدني لم ينص على حفظ هذه الحقوق بالتسجيل، فجعلها حجة على الكافة وإذن فهي تخول أصحابها حق تتبع العقار أين يكون بالرغم من عدم التسجيل (فيما عدا الديون المستحقة على صيارف البلاد والمديريات وضمانهم، على ما نظن). 
وحجة الشارع في ذلك ظاهرة فطبيعة هذه الديون، وطريقة استحقاقها، وسهولة تقديرها وتفاهة مقدارها، تحول دون تسجيلها وتقلل من مضار عدم إشهارها. 
ولهذه الأسباب نفسها رأى الشارع، عند وضع قانون التسجيل، أن يبقى نصوص القانون المدني على حالها فيما يتعلق بحقوق الامتياز. 
وعلى ذلك، ففي عهد قانون التسجيل تظل حقوق الامتياز غير خاضعة للتسجيل. 
ويرى مسيو دوهلتس (ص (495) فقرة (6) وصفحة (504) فقرة (27)) والعلامة بلانبول (جزء (2) فقرة (3166)) أن من الظلم أن يخول صاحب حق الامتياز العام حق تتبع العقار ضد الغير، طالما أن القانون لم يقضِ بوجوب تسجيل حق الامتياز العام، ولا يفوتنا هنا أن مسيو دوهلتس قد جعل المصاريف القضائية والأموال المستحقة لجهة الحكومة، فيما يتعلق بالأجانب، ضمن حقوق الامتياز الخاصة. 
(ب) حقوق الامتياز الخاصة: 
قد تقع هذه الحقوق على المنقولات كما تقع على العقارات والأولى هي الآتية: 
1 - (المبالغ المنصرفة في حصاد محصول السنة، والمبالغ المستحقة في مقابلة المبذورات التي نتج منها المحصول - 601 فقرة (4) ((727) فقرة (3)).
2 - (المبالغ المستحقة في مقابلة آلات الزراعة التي لم تزل في ملكية المدين وتدفع من أثمانها) - فقرة 5/ 4. 
3 - (أجرة العقار وأجرة الأطيان وكل ما هو مستحق للمؤجر) – فقرة 6/ 5.
4 - (ثمن المبيع (إذا كان منقولاً) المستحق للبائع أو المبلغ المدفوع من غير المشتري بعقد ذي تاريخ ثابت بوجه رسمي المخصص لأداء الثمن المذكور تخصيصًا صريحًا) - فقرة 7/ 6. 
5 - (المبالغ المستحقة لأصحاب الخانات من السائحين النازلين فيها) فقرة 8/ 7. 
6 - (المبالغ المستحقة في مقابلة ما صرف لصيانة المنقول) 6030/ 729. 
وهذه الديون وإن كانت ممتازة، إلا أن لا محل طبعًا لحفظها بالتسجيل لأنها واقعة على منقولات
وأما حقوق الامتياز الخاصة العقارية فهي: 
1 - حق امتياز الدائن المرتهن رهن حيازة 550 و 553 (674 و 676) وفيه بيان سنأتي عليه بعد.
2 - حق امتياز بائع العقار وفاءً للثمن – 601 فقرة 7/ ((727) فقرة (6)) وهذا الحق يثبت في البيع البات، والبيع الوفائي، والشفعة، والبدل بفرق ثمن، والهبة بمقابل، وتقديم عقار نصيبًا في الشركة، وفي إعطاء عقار مقابل وفاء الدين، ويثبت في البيع الاختياري والبيع الجبري سواء بسواء. 
3 - حق امتياز الشريك، في القسمة العقارية – 602/ 728.
4 - حق امتياز صائن العقار 603/ 729.
وقد ذكرنا أن الأستاذ حامد بك فهمي ينكر وجود هذا الحق في القانون المصري ويقصره على صائن المنقول، ويمكن أن يؤيد هذا الرأي بكون القانون نص على (الشيء) ولم ينص على العقار، وبعدم النص على التسجيل فيما إذا كان هذا ( الشيء) عقارًا كما فعل في المادة (601) فقرة 7/ ((727) فقرة (6)) ثم بعدم جواز التوسع في حقوق الامتياز. 
ويؤيد الرأي المخالف، كون النص عامًا لأن لفظ ( الشيء) يشمل العقار والمنقول، والقياس على المادة 552/ 676 التي أعطت للدائن الحائز للعقار المرتهن حق امتياز على العقار ضمانًا لمصاريف الحفظ والصيانة.
وقد أخذ الفقه والقضاء بمصر بالرأي الأخير.
حفظ حقوق الامتياز الخاصة العقارية: 
والديون المضمونة بحق امتياز عقاري خاص كلها خاضعة للتسجيل في عهد القانون المدني.
فحق امتياز البائع لا يحفظ إلا بالتسجيل وشرط حق امتياز غير البائع، إذا دفع الثمن عنه، ثبوت تاريخ سنده، علاوة على تسجيل عقد البيع - مادة (601) فقرة 7/ ((727) فقرة (6)).
وكذلك حق امتياز الشريك في القسمة العقارية لا يكون حجة على الغير إلا بالتسجيل - مادة 602/ 728. 
وأما حق امتياز الدائن المرتهن الحائز للعقار فإن القانون المصري لم ينص عليه في الباب العاشر من الكتاب الثالث (في العقود المعينة) لأن عبارة (بالامتياز على من عداه) الواردة بالمادة 540/ 662 معناه بطريق الأفضلية
de preference ولأن المادة 601/ 727 وما بعدها لم تنص كذلك على حق الامتياز بينما قد نُص صراحة في 603/ 729 على حق امتيازه ضمانًا لمصاريف حفظ العقار وصيانته. 
على أنه بمراجعة نصوص الباب العاشر يتبين منها صراحة أن القانون يخول الدائن المرتهن رهن حيازة حقًا عينيًا عقاريًا، بما يترتب على ذلك من حقي التتبع والأفضلية، وقد نص صراحة في المادة، 550/ 674 على وجوب تسجيل عقد الرهن ليكون حجة على الغير، وأخيرًا لأن من خصائص هذا العقد أن يخول الدائن حق حبس العين المرتهنة حتى وفاء الدين، وهذا أثر من آثار حقوق الامتياز. 
وإذا كان التسجيل واجبًا لحفظ حق امتياز الدائن المرتهن رهن حيازة وفاءً لدينه، فلا محل لتسجيل جديد لضمان مصاريف حفظ العين وصيانتها، فالقانون لم ينص على هذا التسجيل في المادة 603/ 729 اكتفاءً بتسجيل عقد الرهن، سواء لأنه يمكن اعتبار هذه المصاريف من ملحقات الدين، أو لأن حيازة الدائن للعقار تشعر بوجود دين الحفظ والصيانة، أو لأن مصاريف الحفظ والصيانة يستفيد منها جميع الدائنين. 
على أننا نرى وجوب التسجيل فيما يتعلق بمصاريف الحفظ والصيانة عملاً بالمادة 614/ 741 وكذلك حق امتياز صائن العقار مطلقًا، لأن عدم نص القانون المدني في المادة 603/ 729 على وجوب تسجيله، ربما كان سببه عدم النص صراحة على هذا الحق فيما يتعلق بالعقار، إلا ولأن نص المادة 614/ 741 المذكورة صريح بوجوب هذا التسجيل. 
وتسجيل عقد البيع كافٍ لحفظ حق امتياز البائع، باتفاق القضاء، ولكن هل تسجيل عقد القسمة العقارية وحده كافٍ لحفظ امتياز الشريك، أو لا بد من تسجيل قائمة ببيان فوارق الثمن التي ترتبت على القسمة. 
يقول المرحوم الأستاذ تستوفى محاضراته على طلبة الحقوق بوجوب هذا التسجيل، لأن الاكتفاء بتسجيل عقد البيع استثناءً من القاعدة فلا يصح القياس عليه في القسمة، ولأن عقد القسمة قد لا ينص على الديون التي ترتبت عليها. 
ويقول مسيو دوهلتس (ص (529) فقرة (99)) بوجوب هذا التسجيل أيضًا، لأن تسجيل عقد القسمة من شأنه الإقرار بملكية الشركاء، بينما تسجيل قائمة القسمة من شأنه حفظ حقوق الامتياز. 
وظاهر أنه إذا تضمن عقد القسمة بيان فوارق الثمن، ونص على جميع الحقوق التي ترتبت على القسمة، فلا محل لتسجيل جديد، لاستيفاء الغاية من التسجيل. 
هذا هو حكم القانون المدني في مادة تسجيل حقوق الامتياز، وقد نصت المادة الأولى من قانون التسجيل كما رأينا على مراعاة النصوص المعمول بها في القانون المدني في مواد الامتياز والرهن العقاري والاختصاصات العقارية. 
وإذن يبقى كل ما قلناه صحيحًا نافذًا في عهد قانون التسجيل.
ترتيب حقوق الامتياز عند التزاحم
هذا الموضوع من أدق المسائل التي عرضنا لها في هذه الرسالة، لأن القانون لم يرتب حقوق الامتياز عند تزاحمها، واكتفى بترجيح البعض منها على البعض الآخر، واكتفى بالنص صراحة على أن الامتياز المترتب على المصاريف القضائية يفضل كافة حقوق الامتياز الأخرى. 
وإذا كان حق الامتياز هذا ليس في الواقع مترتبًا على دين في ذمة المدين لدائنيه، وإنما على دين في ذمة الدائنين أنفسهم لجهة الحكومة، أمكن القول بأن القانون لم ينص صراحة حتى في هذه الحالة على ترتيب حقوق امتياز الدائنين على أموال مدينهم. 
رأينا أن حقوق الامتياز عامة وخاصة، وأنها تقع على المنقول كما تقع على العقار، وإذن فالصور التي يقع فيها التزاحم هي الآتية: 
1 - تزاحم حقوق الامتياز العامة فيما بينها. 
2 - تزاحم حقوق الامتياز العامة مع حقوق الامتياز الخاصة على المنقول. 
3 - تزاحم حقوق الامتياز العامة مع حقوق الامتياز الخاصة على العقار.
4 - تزاحم حقوق الامتياز الخاصة فيما بينها على المنقول. 
5 - تزاحم حقوق الامتياز الخاصة فيما بينها على العقار. 
6 - تزاحم هذه الحقوق مع حق الرهن العقاري. 
1 - تزاحم حقوق الامتياز العامة فيما بينه:
تأتي هذه الحقوق على الترتيب الآتي: 
1/ المصاريف القضائية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 601/ 727. 
2/ الأموال والرسوم المستحقة للحكومة - مادة (601) فقرة ثانية - أهلي - الأمر العالي الصادر في 26 مارس سنة 1900 مختلط (ونلاحظ أن حق الامتياز هنا عام فيما يتعلق بالمصريين، خاص فيما يتعلق بالأجانب، أي قاصر على الأعيان المستحقة عليها الأموال والمصاريف - وكذلك المبالغ المستحقة على صيارف البلاد والمديريات وسائر المصالح الأميرية وضمانهم - طبقًا للأمرين العاليين الصادرين في 21 إبريل سنة 1885 و 28 نوفمبر سنة 1886. 
3/ المبالغ المستحقة للمستخدمين والكتبة والعملة – 601 فقرة (3)/ (727 فقرة (2)) – راجع محاضرات الأستاذ جرانمولان (سنة 1904 ودوهلتس ص (556) فقرة (175)). 
وحقوق الامتياز العامة المذكورة حجة على الغير وإن ترتب على المدين ودون حاجة إلى التسجيل، سواء في عهد القانون المدني، أو في عهد قانون التسجيل (مادة (1)).
2 - تزاحم حقوق الامتياز العامة مع حقوق الامتياز الخاصة على المنقول:
لقد اختلف العلماء في ترتيب حقوق الامتياز العامة والخاصة عند تزاحمها، ولهم في ذلك ثلاثة آراء 
( أ ) يقول الرأي الأول بأرجحية حقوق الامتياز العامة الخاصة (فيما عدا حق امتياز حافظ المنقول وصائنه) وذلك بناءً على الأسباب الآتية: 
أولاً: الأعمال التحضيرية للقانون الفرنسي.
ثانيًا: الترتيب الوارد في القانون.
ثالثًا: ارتباط حقوق الامتياز العامة بالنظام العام. 
رابعًا: القياس على حالة تزاحم هذه الحقوق مع حقوق الامتياز الخاصة العقارية.
(ب) ويقول الرأي الثاني بأرجحية حقوق الامتياز الخاصة على العامة، مستندًا إلى 
أولاً: ما جرى عليه العمل قبل وضع القانون الفرنسي.
ثانيًا: كون حقوق الامتياز الخاصة قاصرة على بعض المنقولات دون غيرها، فليس من العدل تضحيتها في سبيل حقوق الامتياز العامة، التي يضمنها سائر أموال المدين.
ثالثًا: كون أساس حقوق الامتياز الخاصة قائمًا على نظرية الرهن الحيازي، والحيازة في المنقول عنوان الملكية.
(جـ) ويتوسط الرأي الثالث الرأيين السالفين، آخذًا بأقوى حجج الرأيين، فيقول بأرجحية حقوق الامتياز التي أساسها الرهن الحيازي، ثم حقوق الامتياز العامة، ثم حقوق الامتياز الخاصة التي أساسها الاستفادة على حساب الغير
enrichissement، وليس أساسها الرهن الحيازي، وبالترتيب الوارد في القانون.
وعلى هذا الرأي يكون ترتيب حقوق الامتياز هكذا: 
1 - المصاريف القضائية - وهي من الديون الممتازة العامة، ولكنها من المصاريف التي استعملت في حفظ المنقول، محل وفاء حقوق الدائنين، وفي التنفيذ عليه لوفاء هذه الحقوق. 
وهي أشبه شيء بالمصاريف الأخيرة التي تصرف في حفظ الشيء وصيانته، المنصوص عليها في المادة 603/ 729، والآتي الكلام عليها. 
2 - المبالغ التي صرفت في حفظ المنقول وصيانته، والتي يترتب عليها حق الامتياز الخاص المنصوص عليه في المادة المذكورة.
فقد نصت هذه المادة على أن هذه المبالغ (تكون مقدمة على جميع ما عداها من الديون) والعلة ظاهرة، لأنه لولا ما صرف في حفظ الشيء وصيانته لهلك هذا الشيء على جميع الدائنين. 
وعلى أساس هذه القاعدة المنطقية، نصت المادة المذكورة على أن الترتيب بين تلك المصاريف بعكس ترتيب تواريخ الصرف عليها لأن الدائن الذي اشترك أخيرًا في صيانة الشيء قد أفاد الدائنين قبله. 
ولهذا السبب نفسه، رجحت المصاريف القضائية على مصاريف الحفظ والصيانة: 
3 - حق امتياز الدائن المرتهن للمنقول، وهو الرهن الحيازي الصريح - مادة 540/ 662. 
4 - حق امتياز صاحب الخان، وهو الرهن الحيازي الضمني - 651 فقرة 8 (727 فقرة 7). 
والعلة في الحالتين أن المنقول وضع في حيازة الدائن وفاءً لدينه، فيصبح الأخير مفضلاً بحيازة المنقول على جميع الدائنين.
5 - حقوق الامتياز العامة الأخرى على الترتيب الوارد في القانون أي المبالغ المستحقة للميري والمبالغ المستحقة للمستخدمين والكتبة والعملة. 
6 - حقوق الامتياز الخاصة الأخرى، على الترتيب الوارد في القانون أيضًا، وهي الحقوق المترتبة على الديون التي زادت في ثروة المدين وهي: 
( أ ) الثمن المستحق لبائع المنقول، ويدفع من ثمنه عند البيع - فقرة 7/ 6 – وثمن الآلات الزراعية ويدفع من ثمنها عند البيع - فقرة 5/ 4 وشرط ذلك بقاء المنقول في حيازة المدين. 
(ب) المبالغ المنصرفة في حصاد المحصول، وتدفع من ثمن المحصول – فقرة 4/ 3. 
(ج) ثمن المبذورات، ويدفع من ثمن المحصول أيضًا بعد مصاريف الحصاد - فقرة 4/ 3.
(د) أجرة العقار أو الأطيان، وتدفع، بعد ما ذكر، من ثمن المفروشات ونحوها – فقرة 6/ 5. 
3 - تزاحم حقوق الامتياز العامة مع حقوق الامتياز الخاصة العقارية:
لم ينص القانون صراحة على تفضيل حقوق الامتياز العامة على حقوق الامتياز الخاصة العقارية، كما لم ينص على تفضيل تلك الحقوق على حق الرهن العقاري، ولكن القانون، كلما تكلم عن الديون الممتازة العامة، قال أنها (تدفع من ثمن أملاك المدين قبل ديون الدائنين) أو أن امتيازها (يجري مقتضاه على كافة أموال المدين). 
على أنه من المتفق عليه، أن حقوق الامتياز العامة تفضل حق الرهن العقاري، وبطريق القياس، تفضل حقوق الامتياز العقارية الخاصة أيضًا، خصوصًا وأن الديون المضمونة بحقوق الامتياز العامة قليلة القيمة في العادة بالنسبة للديون المضمونة بحقوق الامتياز الخاصة وبحق الرهن العقاري. 
4- تزاحم حقوق الامتياز الخاصة فيما بينها على المنقول:
بينَّا فيما سبق ترتيب هذه الحقوق، فحقوق الامتياز التي سببها حفظ المنقول، وصيانته تأتي في المرتبة الأولى، وتأتي بعدها حقوق الامتياز التي أساسها حق الرهن الحيازي، ثم حقوق الامتياز المترتبة على استفادة المدين من مال الدائن.
5 - تزاحم حقوق الامتياز الخاصة فيما بينها على العقار: 
بينا أن حقوق الامتياز الخاصة العقارية قد رتبها القانون لضمان حقوق: 
1/ الدائن المرتهن العقار رهن حيازة.
2/ والبائع عن ثمن العقار.
3/ وللشريك في القسمة العقارية.
4/ ولحفاظ العقار وصائنه. 
ونريد الآن معرفة ترتيب هذه الحقوق عند التزاحم.
ورأينا أن القانون نص على وجوب حفظ هذه الحقوق بالتسجيل، مما ذكرناه من المواد الخاصة لكل منها – 550/ 674 و 601 فقرة 7 (727 فقرة 6) و 602/ 728 – فيما عدا الحق الرابع - ثم ينص المادة 614/ 741 الشامل لجميع هذه الحقوق.
وقد نص القانون في المادة 615/ 742 على أن (عدم التسجيل عند وجوبه بجعل تلك الحقوق كأنها لم تكن بالنسبة للأشخاص الذين لهم حقوق عينية على العقار وحفظوها بموافقتهم للقانون) وإذن يكون ترتيب هذه الحقوق فيما بينها بأسبقية التسجيل. 
ونلاحظ أن التسجيل وحده، في حق امتياز الدائن المرتهن رهن حيازة، لا يكفي لجعل حق الامتياز حجة على الغير، وإنما يجب أن يكون التسجيل مقرونًا بالحيازة – 541/ 663. 
كما أن تسجيل عقد البيع يغني عن تسجيل قيد حق امتياز البائع وفاءً للثمن، وتسجيل عقد القسمة العقارية يغني كذلك عن قيد حق امتياز الشريك إذا شمل عقد القسمة بيان فروق الثمن.
6 - تزاحم حقوق الامتياز الخاصة العقارية مع الرهن العقاري:
لقد قيل أن حقوق الامتياز تفضل الرهن العقاري ولو لم تكن سابقة في التسجيل عليه، قياسًا على حقوق الامتياز العامة على العقارات والمنقولات، وبدعوى أن حق الامتياز، باسمه
privileges (أو الأرجحية القانونية) وبطبيعته من حيث تلقيه عن القانون، يستلزم هذه الأفضلية، وبحجة أن المادة 602/ 728 في قولها (ويجري مقتضى الامتياز على حسب الدرجة التي ترتبت له بالتسجيل) إنما تعني في ترتيب حقوق الامتياز فيما بينها، ولا علاقة لها بحق الرهن بدليل ورودها تحت عنوان (في الامتياز). 
- راجع محاضرات المرحوم مسيو تستو.
ولكنه قد عدل عن هذا القول، وذهب جمهور العلماء إلى أن الأرجحية للعقد السابق في التسجيل (دوهلتس ص (549) فقرة (161)).
( أ ) تزاحم حق امتياز البائع مع الرهن العقاري:
تعرض صورتان لهذا التزاحم: 
الأولى: أن يبيع شخص عقارًا، فيرهنه المشتري، وتقيد قائمة الرهن قبل تسجيل عقد البيع.
ففي القانون المدني، يقتضي، في هذه الحالة، تفضيل حق الدائن المرتهن على حق امتياز البائع، ما لم يكن المرتهن سيء النية عالمًا بعدم وفاء جميع الثمن للبائع. 
وأما في قانون التسجيل، فالملكية لا تنتقل للمشتري إلا بالتسجيل، وحقه في الرهن معلق على حصول هذا التسجيل، فإذا لم يسجل عقد البيع بطل الرهن لعدم انتقال الملكية إلى المشتري ولإلغاء المادة 619/ 747 كما رأينا. 
وإذا ما تسجل عقد البيع رجع أثره إلى تاريخ البيع، وصح عقد الرهن من تاريخ صدوره فيما بين العاقدين، ومن تاريخ قيده بالنسبة للبائع، وإذن يصبح حق الامتياز مفضلاً على حق الرهن. 
الثانية: أن يبيع شخص عقارًا ثم يرهنه قبل تسجيل عقد المشتري، ولا دخل للمشتري في هذه الحالة في التزاحم، لأن التزاحم هنا بين حق الدائن المرتهن وحق امتياز البائع، ففي هذه الحالة يفضل حق الرهن حق الامتياز ولو لم يكن الأول مسجلاً، لأن البائع لا يستطيع أن يحتج بحقه على دائنيه.
وكذلك تكون الحالة في عهد قانون التسجيل ومن باب أولى، لأن العين لم تنتقل من ملكية البائع لعدم التسجيل.
(ب) تزاحم حق امتياز الشريك في القسمة العقارية مع الرهن العقاري:
إذا كان الرهن حاصلاً من أحد الشركاء بعد القسمة، وسجل بعد تسجيلها، يسري حق الامتياز على الدائن المرتهن، وأما إذا سجل قبل تسجيلها، فضل الرهن على حق الامتياز.
وإذا كان الرهن حاصلاً قبل القسمة وعلى حصة شائعة، ثم حصلت القسمة، رجح الامتياز على الرهن، ولو كان عقد الرهن مسجلاً قبل تسجيل عقد القسمة، ذلك لأن الدائن المرتهن قد ارتهن حصة شائعة وهو يعلم بما يترتب على الشيوع من الحقوق للشركاء على بعضهم، ولأنه يستفيد من القسمة بما يزيد في حصة مدينه بقدر ما يترتب عليها من الحقوق لباقي الشركاء، ولأن أثر القسمة يرجع إلى الماضي، أي إلى ما قبل الرهن، فكأنه إنما ارتهن حصة مقسومة مفروزة محملة بحق باقي الشركاء عليها. 
ويتفق في هذه الحالات حكم القانون المدني وقانون التسجيل. 
(ج) تزاحم حق امتياز المرتهن رهن حيازة مع الرهن العقاري:
إذا كان الرهن العقاري مسجلاً قبل تسجيل الرهن الحيازي، فهو مفضل عليه، وأما إذا كان العكس، فالأفضلية للرهن الحيازي، سواء ذلك في عهد القانون المدني أو في عهد قانون التسجيل. 
- راجع الأحكام الواردة بالفهرست العشري الثاني لأحكام المحاكم المختلطة من رقم (1754) إلى (1758) ومن (1760) إلى (1762). 
وقد بالغت المحاكم في الاحتفاظ بحق الدائن الحائز للعقار إلى حدان جعلت إجراءات التنفيذ غير حجة عليه ما لم يوفِ دينه. 
- راجع الحكمين رقم (1760) و (1761) والأحكام الواردة بالفهرست الثاني رقم (1700) – و (1701) و (1702). 
(د) تزاحم حق امتياز صائن العقار مع الرهن العقاري:
رأينا أن من العلماء من ينكر هذا الحق، ورأينا أن المادة 603/ 729 لم تنص على وجوب تسجيل هذا الحق ليكون حجة على الغير (ولعل ذلك لكونها إنما قصدت قصره على المنقول دون العقار) ورأينا كذلك أن المادة 614/ 741 قضت بوجوب تسجيل حقوق الامتياز العقارية، ورأينا فوق ذلك أن المادة 603/ 729 جعلت مصاريف الصيانة (مقدمة على جميع ما عداها من الديون، ويكون الترتيب بين هذه المصاريف من المنقولات بعكس ترتيب تواريخ الصرف عليها). 
فبماذا نهتدي بين هذه المتناقضات؟ 
إن النص، والمنطق، والعدالة، تقضي بوجوب حق امتياز صائن العقار. 
فالتعبير (بالشيء) يشمل المنقول والعقار، والنص على ترتيب المصاريف في (المنقولات) على وجه خاص، يفيد أن القانون أراد أن يكون للمصاريف حكم في المنقولات يخالف حكمها في العقارات. 
والعلة في امتياز حق صائن المنقول هي نفس العلة في صيانة العقار، لرجوع الفائدة فيها على الدائنين بحفظ الشيء محل وفاء ديونهم، سواء كان منقولاً أو عقارًا. 
وليس من العدل أن من صان منقولاً حفظ حقه عليه، ومن صان عقارًا ضاع حقه عليه، بالرغم من أن مصاريف صيانة العقار تزيد دائمًا على مصاريف صيانة المنقول. 
وكذلك النص، والمنطق، والعدالة، تقضي برجوح حق الامتياز على حق الرهن ولو لم يكن الأول مسجلاً. 
لأن المادة 603/ 729 الخاصة بهذا الحق لم تنص على التسجيل، بالرغم من نص المادة 614/ 741 العام الشامل لجميع حقوق الامتياز ولأن مصاريف الصيانة اللاحقة للرهن يستفيد منها الدائن المرتهن قبل غيره من الدائنين، ولأن الفقرة الثانية والثالثة من المادة 605/ 731 أعطت لمن أوجد تحسينًا في العين، وللذي صانها، حق حبسها وفاءً لدينه، وطبيعة الحقين، حق الامتياز وحق الحبس، واحدة من حيث ترجيح الدين على سائر الديون. 
ولا يحتج بأن المادة 564/ 688 أدخلت الإصلاحات في ضمان حقوق الدائن المرتهن، لأن محل ذلك إذا قام بها المدين ولم يتعلق بها حق الغير. 
وليس من العدل أن يضار صائن العقار من أجل مرتهنه، وقد عادت على الأخير فائدة بفعل الأول.
ومن المتفق عليه أن حق حبس العين في هذه الحالة يسري في حق الدائن المرتهن المسجل عقده قبل استحقاق دين الصيانة بل ودون حاجة إلى تسجيله - راجع حكم محكمة الاستئناف المختلطة في 14 يونيه سنة 1877 – المجموعة الرسمية س 2 ص (396) – وفي 9 يناير سنة 1913 - مجلة التشريع والقضاء س 25 ص (123) – وفي 25 إبريل سنة 1918 – س 30 ص (389).
تحويل الديون المضمونة برهن عقاري
أو بامتياز عقاري
1 - في القانون المدني:
نصت المادة 557/ 681 على وجوب حصول الرهن العقاري بعقد رسمي ونصت المادة 565/ 689 على وجوب تسجيل قائمة الرهن العقاري ليكون حجة على الغير. 
ونصت المادة 571/ 695 على عدم جواز محو تسجيل الرهون إلا بناءً على حكم صادر انتهائيًا، أو برضاء الدائن المرتهن بعقد رسمي، (بتقرير من قلم كتاب المحكمة). 
تلك هي النصوص الواردة تحت عنوان (الرهن العقاري).
وما يسري على الرهن العقاري يسري على حق الاختصاص، وهو الرهن القضائي 599/ 725. 
ونصت الفقرة السابعة من المادة 601 (فقرة 6 مادة 727) على وجوب حفظ حق امتياز البائع بالتسجيل. 
ونصت المادة 602/ 728 على وجوب حفظ حق امتياز الشركاء في القسمة العقارية بالتسجيل أيضًا. 
ونصت المادة 550/ 674 على وجوب تسجيل عقد الرهن الحيازي.
ونصت المادة 552/ 676 على حق امتياز المرتهن رهن حيازة لاستيفاء مصاريف الصيانة ولم تنص المادة المذكورة ولا المادة 603/ 729 على حفظ حق امتياز صائن العقار. 
وقد نصت المادة 611/ 737 على أن انتقال الحقوق العينية العقارية لا تثبت في حق الغير إلا بالتسجيل.
ولما كان حق الرهن والامتياز العقاري من الحقوق العينية العقارية، كان لا بد من تسجيل (تحويل الديون المضمونة رهن عقاري، أو بامتياز عقاري) في عهد القانون المدني ليكون حجة على الغير، ولو لم ينص على ذلك في الفصل السابع (في الحوالة بالديون وبيع مجرد الحقوق بالنسبة لغير المتعاقدين). 
والفارق بين القانون الأهلي والمختلط في حوالة الديون، أن الأول يوجب قبول المدين بالحوالة بينما الثاني يكتفي بإعلانه بها. 
2 - في قانون التسجيل: 
نصت المادة (13) على أنه (لا يصح التمسك في وجه الغير بتحويل دين مضمون برهن عقاري أو بامتياز عقاري ولا التمسك بالحق الناشئ عن حلول شخص محل الدائن في هذه الحقوق بحكم القانون أو بالاتفاق ولا التمسك كذلك بتنازل عن ترتيب الرهن العقاري إلا إذا حصل التأشير بذلك بهامش التسجيل الأصلي). 
وظاهر من هذا النص، بالرغم من التباس عبارة المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون في هذا الموضوع، أن مركز الغير لم يتغير في حالة التشريع الجديد عنه في التشريع القديم، طالما أن الحقوق المنصوص عليها في المادة (13) كلها حقوق عينية عقارية لا تنتقل بالنسبة للغير في عهد القانون المدني إلا بالتسجيل كما رأينا. 
وإنما يمكن القول بأن التشريع الجديد إنما نظم طريقة التأشير بهامش السجلات، بالنص على وجوب اشتمال التأشير على (تاريخ السند وصفته، وعلى أسماء الطرفين وألقابهم وصناعتهم ومحل إقامتهم، وعلى بيان التسجيل الأصلي مع نمرته المسلسلة وتاريخه ورقم صفحة التسجيل) - راجع الجزء الأخير من المادة (13).


[(1)] وإذا أردت زيادة في البيان راجع مقال الأستاذ دارست (في تسجيل البيع في القانون اليوناني) المنشور (بالمجلة الحديثة لتاريخ القانون الفرنسي والقوانين الأجنبية) مجلد (8) سنة 1884 ص (379).
Dareste - (La transcription des ventes en droit hellenique) - nouv. Rev. hist. De dr. fr. Et etr. Tome 8, 1884 p. 379.
[(2)] إذا أردت زيادة في البيان راجع مقال الأستاذ تفنان Thévenin في المجلة المشار إليها - المجلد (3) سنة 1879 ص (323) وما بعدها والمجلد (4) سنة 1880 ص (69) وما بعدها.
[(3)] راجع كورنيل (بحث في علانية الملكية في القانون الروماني) ص (27).
Cornil, (Etude sur la publicité de la propriété dans le droit romain. P. 27.
[(4)] راجع الأستاذ جاستون ماى (مبادئ القانون الروماني) ص (167) فقرة (84) – طبعة سنة 1900. 
[(5)] ولو أنه قد عدل بعد ذلك عن الانتقال لموقع العقار في عهد جايوس
Gaius. 
[(6)] وقد عدل بعد ذلك عن التشدد في هذا الشرط، فاكتفى بإحضار جزء من المبيع إن كان منقولاً وتعذر نقله، أو بقطعة من العقار. 
[(7)] راجع مؤلف الأستاذ جاستون ماى ص (173) فقرة
[(8)] راجع كاربانتييه، الهبة بين الأحياء، فقرة (1776) وما بعده
[(9)] راجع مجموعة مرلين تحت لفظة (تسليم)
Merlin, rep. V. (nantissement). 
[(10)] راجع كاربانتبيه المجلد (25) ص (1043) فقرة (12). 
[(11)] راجع يعقوب باشا أرتين - (الأحكام المرعية في شأن الأطيان المصرية) - ص (37) و (38). 
[(12)] أما القانون المدني الأهلي فلم ينص على الأطيان الخراجية لصدوره في سنة 1883، أي بعد قانون التصفية.
[(13)] وهي الأراضي التي أنعم بها ملكًا مطلقًا لأصحابها، والأطيان العشرية في مصر غير الأطيان العشرية المنصوص عنها في كتب الشرع، فالأولى هي الأراضي التي كانت بورًا لم تمسح في سنة 1813 (والقليل منها كان منزرعًا ولم تمسح) وقد أنعم ببعضها ملكًا خالصًا لأصحابها، وبالبعض الآخر لانتفاع أصحابها بها طول حياتهم، وكانت هذه الأراضي معفاة من الضريبة حتى سنة 1854، وفي هذه السنة ربط عليها المال بواقع عشر غلتها عينًا أو نقدًا، ومن ذلك سميت الأراضي العشرية أو العشورية. 
[(14)] راجع مجلة الاستئناف المختلطة في 18 إبريل سنة 1878 - المجموعة الرسمية 3 ص (206) - بورللى مادة (21) مدني فقرة (2)، راجع كذلك حكم المحكمة المذكورة في 21 نوفمبر سنة 1878 - المجموعة الرسمية 4 ص 12 – بورللى مادة (341) فقرة (1). 
[(15)] راجع حكم المحكمة المذكورة في 6 مايو سنة 1885 - المجموعة الرسمية 10 ص (75) – بورللي مادة (21) مدني - فقرة (6). 
[(16)] وبعض هذه المعاهدات عقدت مع سلاطين مصر مباشرة، كمعاهدة فلورنسا مع السلطان قائد بك في 1488، ومعاهدة فرنسا في 1507 وكاتلانيا في 1517 مع سلطان مصر في عهد المماليك. 
[(17)] النص العربي للمادة (270) أهلي يشمل هذه العبارة (وكانوا لا يعلمون ما يضربها) وهو خطأ في الترجمة لأن الأصل الفرنسي لهذه المادة (
de bonne foi) وهكذا نص المادة (341) مختلط وسنتكلم عن ذلك تفصيلاً بعد.
[(18)] راجع جرانمولان - تأمينات ن (761) - دوهلتس جزء (3) ن (546) - ذهني بك ص (253) من مذكراته في التأمينات.
[(19)] راجع مقال الأستاذ حامد بك فهمي - المحاماة 7 ص (453).