الخميس، 12 مايو 2016

عبد العزيز عمار
سنوات الغربة تعنى للبعض سنوات الانتصار وللبعض الاخر سنوات الضياع والانكسار
فهى سنوات الانتصار على الفقر وقلة الامكانيات والانتصار على الفشل وتحقيق الاحلام وهى سنوات الضياع .. ضياع الاحلام .. ضياع المستقبل .. ضياع العمر .. ضياع الحب .. ضياع الذات

الشباب يتهافت للخروج من دوامة الضياع فى وطنه الى دوامة الغربة وتأخذه امواجها وتنتقل به من عام الى أخر وقد تحدفه الى بر الامان على شاطئ الاحلام الوردى وقد
تحدفه الى اعماق الظلمات فلا يرى ما امامه ولا يعلم ماذا كان خلفه
وقد يعود وقد لا يعود ويتمنى لو يعود الى ظلمات بلده الذى تربى فيه
الغربة قد تبتسم وقد تغضب ومن له الحظ السعيد تحتضنه بكل ما تملك .. الغربة هى الحنين الى كل ماهو جميل ومؤلم من ذكريات .. فمن يترك وطنه يجد نفسه يتمناه رغما عنه فعند رحيله يتخيل انه لن يفكر فيه مرة اخرى ولكن كيف وكل جزء فى جسده يحمل من وطنه ذكريات  وحنين .. كل طريق وكل شارع يناديه .. اصحابه واحبابه يطاردوه , وتمر به الايام فى سنوات غربته ويزداد الحنين اليها وعندما يقترب الموعد يزداد القلب فرحا وطربا وعندما تطأ قدماه أرضها يرقص فى أحضانها …. كيف هذا ولماذا لا يعلم فهو تركها بارادته وتخيل انه لن يحن اليها واذا بالعكس ينكوى بنار حبها
هذا لانها جذوره واصوله وذكرياته فرغم ما عاناه من الام معها الا انه لا يستطيع ان يبتعد عنها فهى العشق والغرام الابدى
ولو سألت  احدى مواطنى أفقر دولة فى العالم هل تحب بلدك سيقول نعم ويدافع عنها بشراسة اذا ما أهانها أحد ويحن اليها ويتمناها فى كل لحظة

انه الانتماء الذى لا نستطيع ان نهرب منه فانسان بدون انتماء هو انسان بلا أصول وبلا هوية وبلا هدف فى الحياة
واذا خيرنى احدهم بالتنازل عن جنسيتى مقابل جنسية اكبر دولة فى العالم سأرفض لاننى اذا فعلت سأفقد هويتى وسأعامل معاملة الغريب فى وطنى وما أصعب هذا الاحساس …
البعض يقبل جنسية دولة اخرى الى جانب جنسيته الاصلية وذلك لتحقيق اهداف ومصالح خاصة لكنه لا يقبل الجنسية الاخرى مقابل التنازل عن جنسية بلده واذا فعل فكأنه مات وترك  الحياة لانه سيجد نفسه فاقدا النبض والحياه ولا يعلم من هو
صدقونى حب بلدك لا يعوض بمال العالم كله والدليل تكاتف الجميع فى مباريات كرة القدم فهو تعبير عن الانتماء والحب الخارج عن الارادة فهو تلقائى ومزروع فى الداخل ولا يكتسب ولا يصنع فهو شعور طبيعى مائة فى المائة